سلطانة الاحزان
09-19-2010, 06:56 AM
الأدلة الشرعية في حكم الأناشيد الإسلامية
تحتوي على فتوى مجموعة من العلماء كالشيخ ابن عثيمين وعبد العزيز آل الشيخ وصالح الفوزان وبكر أبو زيد
مزيدة ومنقحة لذي الحجة عام 1422هـ
إعداد
عبد العزيز بن ريس الريس
الأدلة الشرعية في حكم الأناشيد الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد ،،،
فقد شاعت الأناشيد المسماة – خطأً وبهتاناً – إسلامية(1) بين المسلمين عموماً ،
وشباب الاستقامة خصوصاً ، وامتلأت التسجيلات الإسلامية منها ، وكثر المنشدون
المحسوبون على أهل الاستقامة والديانة ، بل صار من بينهم أئمة مساجد ومصلحون ،
وازداد البلاء بما علم من فتنة الفتيات بأصوات هؤلاء الناعقين ، والتحدث بهم في
المجالس والتجمعات بين العالمين ، ونشر هؤلاء المنشدين أرقام هواتفهم مع إنشادهم
وأخشى أن ينشروا في المستقبل صورهم ، فلما كان هذا كله وزيادة كان لزاماً شيوع
إنكارها بين مريدها ومبتغيها بالكلمة والكتابة حتى يظهر الحق فيهلك من هلك عن بينة
ويحيا من حيّ عن بينة.
وقد جعلت هذا الرد فصولاً :
الفصل الأول / ما الأناشيد المعنية في هذا الرد ؟.
الفصل الثاني / شبهات المنشدين وردها .
الفصل الثالث / بعض فتاوى العلماء المعاصرين .
الفصل الأول / ما الأناشيد المعنية في هذا الرد ؟
ليست الأناشيد المصحوبة بالدف معنية بهذا الرد لوضوح حرمتها ، لأن الدفوف من جملة
المعازف(2) ، والمعازف محرمة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ليكونن أقوام من
أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " رواه البخاري من حديث أبي مالك
الأشعري . وروى ابن حزم في المحلى(3)وصححه "أن أصحاب ابن مسعود كانوا يستقبلون
الجواري في المدينة معهن الدفوف فيشققونها " .
وللأسف لقد انتشر هذا النوع من الأناشيد في التسجيلات الإسلامية ، وكثر استماع بعض
شباب الاستقامة(4) لها ، وهم في استماعهم وطربهم مستحلون غير شاعرين بالحرمة والإثم
فصدق الرسول صلى الله عليه وسلم :" ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير
والخمر والمعازف " .
وليس المعني بهذا الرد ـأيضاًـ تلك الأناشيد المتضمنة كلاماً محرماً كالإنشاد
بالاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكون بدعية هذا النوع ظاهراً عند
كثير من شباب الاستقامة .
وإنما المعني بهذا الرد الإنشاد المجرد المتخذ وسيلة لهداية الخلق ودعوتهم . ومعنى
اتخاذها وسيلة دعوية أن المنشد يرجو الأجر بإنشاده لأنه يتسبب في جلب الشباب إلى
أماكن تجمعات الخير ، وعدم إملالهم منها ، وأيضاً هو يريد جعل الأناشيد بديلاً من
الغناء المحرم وهذه وسيلة دعوية لترك الغناء وهكذا ... وفي هذا الرد التدليل
والنقل عن العلماء الراسخين بحرمة الأناشيد الإسلامية الشائعة – الآن – مطلقاً سواء
اتخذت وسيلة دعوية أو لم تتخذ لأنها على ألحان الأغاني الماجنة فهل من مدكر ؟ .
الفصل الثاني / شبهات المنشدين وردها :
تتلخص شبهات المنشدين في ثلاث شبه :
الأولى / أنه ثبت عن الصحابة الإنشاد في مواطن مختلفة ، منها ما رواه الشيخان عن
أنس بن مالك – رضي الله عنه – في قصة حفر الخندق قال : فلما رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما بنا من النصب والجوع قال :
اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا
أبداً
وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
خيبر ، فسرنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟
- قال – وكان عامر رجلاً شاعراً حداء – فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا … الحديث .
وروى الشيخان عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، وكان معه
غلام له أسود يقال له : أنجشة يحدو ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ويحك
يا أنجشة ، رويدك سوقاً بالقوارير "
قالوا : فدلت هذه النصوص وغيرها على جواز الإنشاد ، وهل إنشادنا إلا هذا ؟! .
الثانية / أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا بدليل ، وهذه الأناشيد على هذا الأصل
إلا بدليل ينقلها عنه ، وليس هناك دليل شرعي ناقل عن هذا الأصل ، وكل ما هو مباح
فيجوز اتخاذه وسيلة من وسائل الدعوة ، فإن وسائل الدعوة غير توقيفية .
الثالثة/ أنه ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن عمر بن الخطاب مرّ بحسان وهو
ينشد(1) في المسجد فلحظ إليه فقال : قد كنت أنشد فيه ، وفيه من هو خير منك .
وجه الدلالة / أن حساناً تعبد الله بإلقاء الشعر ، وفي بيت من بيوت الله ، ورسول
الله - صلى الله عليه وسلم – يسمعه ولا ينكر ذلك .
جواب الشبهة الأولى /
إن غاية ما تقرره الأدلة المذكورة في الشبهة الأولى أن الأناشيد من جملة المباحات ،
وهذا لا نختلف فيه وليس هو مورد النزاع ، وإنما مورد النزاع في جعل الأناشيد وسيلة
من وسائل الدعوة إلى الله(1). وهذا مما يجعلنا ننتقل إلى جواب الشبهة الثانية
المتضمن جواباً على الشبهة الأولى .
جواب الشبهة الثانية /
مبني على مقدمتين :
الأولى : أن البدع تدخل في وسائل العبادة كما تدخل في العبادة نفسها( كالدعوة إلى
الله ) ، ومن الأدلة على ذلك ما رواه البخاري في قصة جمع المصحف وأن عمر بن الخطاب
أشار على أبي بكر بالجمع ، فقال له أبو بكر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وبمثل هذا أجاب زيد بن ثابت أبا بكر الصديق لما عرض عليه جمع
المصحف . ففي هذا دلالة واضحة على أن البدع تدخل في الوسائل كما تدخل في العبادة
ذاتها ؛ وذلك أن جمع المصحف من الوسائل ، ومع ذلك احتجوا بعدم فعل رسول الله - صلى
الله عليه وسلم . فإن قيل : لماذا –إذاً- جمعوا المصحف مع أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - الله عليه وسلم لم يفعله ؟ فيقال : لأن مقتضي ( أي: سبب ) الجمع
وجد في زمان أبي بكر- رضي الله عنه - ولم يكن موجوداً في زمان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذ هو حي بين أظهرهم فبوجوده لا يخشى ذهاب القرآن (2).
ومن الأدلة أيضاً : ما ثبت عند الدارمي وابن وضاح أن ابن مسعود أنكر على الذين
كانوا يعدون تكبيرهم وتسبيحهم وتهليلهم بالحصى ، واحتج عليهم بأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوا مع أن عدَّ التسبيح راجع للوسائل . وكن – أخي
القارئ – على علم بأن كل ما روي في التسبيح بالحصى من حديث أو أثر فإنه لا يثبت كما
بين ذلك العلامة الألباني – رحمه الله – (3)، والشيخ بكر أبو زيد - شفاه الله -(4)
.
تنبيه / كثيراً ما تجوّز البدع وتستحسن باسم المصلحة ، قال ابن تيمية :والقول
بالمصالح المرسلة يشرع من الدين ما لم يأذن به الله غالباً . وهي تشبه من بعض
الوجوه مسألة الاستحسان والتحسين العقلي والرأي ونحو ذلك – ثم قال – وكثير مما
ابتدعه الناس من العقائد والأعمال من بدع أهل الكلام وأهل التصوف وأهل الرأي وأهل
الملك حسبوه منفعة أو مصلحة نافعاًَ وحقاً وصواباً ولم يكن كذلك ا.هـ (1)
الثانية : هل وسائل الدعوة توقيفية أم لا ؟ وجواب هذا راجع إلى معرفة الفرق بين
المصالح المرسلة والبدع المحدثة . وخلاصة ذلك أمران :
الأول / أن ينظر في هذا الأمر المراد إحداثه لكونه مصلحة ، هل المقتضي لفعله كان
موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والمانع منتفياً ؟
أ/ فإن كان كذلك ففعل هذه المصلحة – المزعومة – بدعة إذ لو كانت خيراً لسبق القوم
إليه فإنهم بالله أعلم وله أخشى وكل خير في اتباعهم فعلاً وتركاً .
ب/ أما لو كان المقتضي (أي: السبب المحوج ) غير موجود في عهدهم أو كان موجوداً لكن
هناك مانع يمنع من اتخاذ هذه المصلحة فإنه لا يكون بدعة بل يكون مصلحة مرسلة ، وذلك
مثل جمع القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن المقتضي لفعله غير موجود
إذ هو بين أظهرهم لا يخشى ذهابه ونسيانه أما بعد موته فخشي ذلك لأجل هذا جمع
الصحابة الكرام القرآن
تحتوي على فتوى مجموعة من العلماء كالشيخ ابن عثيمين وعبد العزيز آل الشيخ وصالح الفوزان وبكر أبو زيد
مزيدة ومنقحة لذي الحجة عام 1422هـ
إعداد
عبد العزيز بن ريس الريس
الأدلة الشرعية في حكم الأناشيد الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد ،،،
فقد شاعت الأناشيد المسماة – خطأً وبهتاناً – إسلامية(1) بين المسلمين عموماً ،
وشباب الاستقامة خصوصاً ، وامتلأت التسجيلات الإسلامية منها ، وكثر المنشدون
المحسوبون على أهل الاستقامة والديانة ، بل صار من بينهم أئمة مساجد ومصلحون ،
وازداد البلاء بما علم من فتنة الفتيات بأصوات هؤلاء الناعقين ، والتحدث بهم في
المجالس والتجمعات بين العالمين ، ونشر هؤلاء المنشدين أرقام هواتفهم مع إنشادهم
وأخشى أن ينشروا في المستقبل صورهم ، فلما كان هذا كله وزيادة كان لزاماً شيوع
إنكارها بين مريدها ومبتغيها بالكلمة والكتابة حتى يظهر الحق فيهلك من هلك عن بينة
ويحيا من حيّ عن بينة.
وقد جعلت هذا الرد فصولاً :
الفصل الأول / ما الأناشيد المعنية في هذا الرد ؟.
الفصل الثاني / شبهات المنشدين وردها .
الفصل الثالث / بعض فتاوى العلماء المعاصرين .
الفصل الأول / ما الأناشيد المعنية في هذا الرد ؟
ليست الأناشيد المصحوبة بالدف معنية بهذا الرد لوضوح حرمتها ، لأن الدفوف من جملة
المعازف(2) ، والمعازف محرمة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ليكونن أقوام من
أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " رواه البخاري من حديث أبي مالك
الأشعري . وروى ابن حزم في المحلى(3)وصححه "أن أصحاب ابن مسعود كانوا يستقبلون
الجواري في المدينة معهن الدفوف فيشققونها " .
وللأسف لقد انتشر هذا النوع من الأناشيد في التسجيلات الإسلامية ، وكثر استماع بعض
شباب الاستقامة(4) لها ، وهم في استماعهم وطربهم مستحلون غير شاعرين بالحرمة والإثم
فصدق الرسول صلى الله عليه وسلم :" ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير
والخمر والمعازف " .
وليس المعني بهذا الرد ـأيضاًـ تلك الأناشيد المتضمنة كلاماً محرماً كالإنشاد
بالاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكون بدعية هذا النوع ظاهراً عند
كثير من شباب الاستقامة .
وإنما المعني بهذا الرد الإنشاد المجرد المتخذ وسيلة لهداية الخلق ودعوتهم . ومعنى
اتخاذها وسيلة دعوية أن المنشد يرجو الأجر بإنشاده لأنه يتسبب في جلب الشباب إلى
أماكن تجمعات الخير ، وعدم إملالهم منها ، وأيضاً هو يريد جعل الأناشيد بديلاً من
الغناء المحرم وهذه وسيلة دعوية لترك الغناء وهكذا ... وفي هذا الرد التدليل
والنقل عن العلماء الراسخين بحرمة الأناشيد الإسلامية الشائعة – الآن – مطلقاً سواء
اتخذت وسيلة دعوية أو لم تتخذ لأنها على ألحان الأغاني الماجنة فهل من مدكر ؟ .
الفصل الثاني / شبهات المنشدين وردها :
تتلخص شبهات المنشدين في ثلاث شبه :
الأولى / أنه ثبت عن الصحابة الإنشاد في مواطن مختلفة ، منها ما رواه الشيخان عن
أنس بن مالك – رضي الله عنه – في قصة حفر الخندق قال : فلما رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما بنا من النصب والجوع قال :
اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا
أبداً
وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
خيبر ، فسرنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟
- قال – وكان عامر رجلاً شاعراً حداء – فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا … الحديث .
وروى الشيخان عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، وكان معه
غلام له أسود يقال له : أنجشة يحدو ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ويحك
يا أنجشة ، رويدك سوقاً بالقوارير "
قالوا : فدلت هذه النصوص وغيرها على جواز الإنشاد ، وهل إنشادنا إلا هذا ؟! .
الثانية / أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا بدليل ، وهذه الأناشيد على هذا الأصل
إلا بدليل ينقلها عنه ، وليس هناك دليل شرعي ناقل عن هذا الأصل ، وكل ما هو مباح
فيجوز اتخاذه وسيلة من وسائل الدعوة ، فإن وسائل الدعوة غير توقيفية .
الثالثة/ أنه ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن عمر بن الخطاب مرّ بحسان وهو
ينشد(1) في المسجد فلحظ إليه فقال : قد كنت أنشد فيه ، وفيه من هو خير منك .
وجه الدلالة / أن حساناً تعبد الله بإلقاء الشعر ، وفي بيت من بيوت الله ، ورسول
الله - صلى الله عليه وسلم – يسمعه ولا ينكر ذلك .
جواب الشبهة الأولى /
إن غاية ما تقرره الأدلة المذكورة في الشبهة الأولى أن الأناشيد من جملة المباحات ،
وهذا لا نختلف فيه وليس هو مورد النزاع ، وإنما مورد النزاع في جعل الأناشيد وسيلة
من وسائل الدعوة إلى الله(1). وهذا مما يجعلنا ننتقل إلى جواب الشبهة الثانية
المتضمن جواباً على الشبهة الأولى .
جواب الشبهة الثانية /
مبني على مقدمتين :
الأولى : أن البدع تدخل في وسائل العبادة كما تدخل في العبادة نفسها( كالدعوة إلى
الله ) ، ومن الأدلة على ذلك ما رواه البخاري في قصة جمع المصحف وأن عمر بن الخطاب
أشار على أبي بكر بالجمع ، فقال له أبو بكر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وبمثل هذا أجاب زيد بن ثابت أبا بكر الصديق لما عرض عليه جمع
المصحف . ففي هذا دلالة واضحة على أن البدع تدخل في الوسائل كما تدخل في العبادة
ذاتها ؛ وذلك أن جمع المصحف من الوسائل ، ومع ذلك احتجوا بعدم فعل رسول الله - صلى
الله عليه وسلم . فإن قيل : لماذا –إذاً- جمعوا المصحف مع أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - الله عليه وسلم لم يفعله ؟ فيقال : لأن مقتضي ( أي: سبب ) الجمع
وجد في زمان أبي بكر- رضي الله عنه - ولم يكن موجوداً في زمان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذ هو حي بين أظهرهم فبوجوده لا يخشى ذهاب القرآن (2).
ومن الأدلة أيضاً : ما ثبت عند الدارمي وابن وضاح أن ابن مسعود أنكر على الذين
كانوا يعدون تكبيرهم وتسبيحهم وتهليلهم بالحصى ، واحتج عليهم بأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوا مع أن عدَّ التسبيح راجع للوسائل . وكن – أخي
القارئ – على علم بأن كل ما روي في التسبيح بالحصى من حديث أو أثر فإنه لا يثبت كما
بين ذلك العلامة الألباني – رحمه الله – (3)، والشيخ بكر أبو زيد - شفاه الله -(4)
.
تنبيه / كثيراً ما تجوّز البدع وتستحسن باسم المصلحة ، قال ابن تيمية :والقول
بالمصالح المرسلة يشرع من الدين ما لم يأذن به الله غالباً . وهي تشبه من بعض
الوجوه مسألة الاستحسان والتحسين العقلي والرأي ونحو ذلك – ثم قال – وكثير مما
ابتدعه الناس من العقائد والأعمال من بدع أهل الكلام وأهل التصوف وأهل الرأي وأهل
الملك حسبوه منفعة أو مصلحة نافعاًَ وحقاً وصواباً ولم يكن كذلك ا.هـ (1)
الثانية : هل وسائل الدعوة توقيفية أم لا ؟ وجواب هذا راجع إلى معرفة الفرق بين
المصالح المرسلة والبدع المحدثة . وخلاصة ذلك أمران :
الأول / أن ينظر في هذا الأمر المراد إحداثه لكونه مصلحة ، هل المقتضي لفعله كان
موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والمانع منتفياً ؟
أ/ فإن كان كذلك ففعل هذه المصلحة – المزعومة – بدعة إذ لو كانت خيراً لسبق القوم
إليه فإنهم بالله أعلم وله أخشى وكل خير في اتباعهم فعلاً وتركاً .
ب/ أما لو كان المقتضي (أي: السبب المحوج ) غير موجود في عهدهم أو كان موجوداً لكن
هناك مانع يمنع من اتخاذ هذه المصلحة فإنه لا يكون بدعة بل يكون مصلحة مرسلة ، وذلك
مثل جمع القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن المقتضي لفعله غير موجود
إذ هو بين أظهرهم لا يخشى ذهابه ونسيانه أما بعد موته فخشي ذلك لأجل هذا جمع
الصحابة الكرام القرآن