عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2010, 05:22 PM   #1


الصورة الرمزية شمس لا تغيب
شمس لا تغيب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 583
 تاريخ التسجيل :  Apr 2010
 أخر زيارة : 02-25-2021 (07:25 PM)
 المشاركات : 12 [ + ]
 التقييم :  100
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الضغينة سهم في خاصرة الإنسانية .



توطئة :
الضغينة سهم في خاصرة الإنسانية ، وجرح يثعب بدماء الإخوة الإسلامية ، وخلق ذميم وصفات شيطانية
تقتل المبادئ والقيم ، وتعزز روح الفرقة والكراهية والأحقاد ، وتحل على الأخوة عروة عروة ، ومدعاة
للتناحر والتباغض وحب الانتقام ، وتعمق الهوة بين الناس .

موضوع عام يبحث في الجوانب اللاإنسانية والطبائع الشيطانية في النفس البشرية حتى أصبحت منهاجاً
لها وغريزة ذميمة تتجلى لمحاربة الخير ، وتسعى لمنع ما تفضل الله به على خلقه من أفضال وليست بفاعلة
ذلك إلا أنها خلق تأصل في النفس وأصبحت تراودها كنزعات لا تتوانى عن الخروج إلى حقيقتها .
ثم يلقي بعض الضوء على بعض الآيات الكريمة التي تتحدث عن الحسد والحقد فهما مرادفان للضغينة وهما
أصل من جذورها ، وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على المحبة ونبذ الأحقاد والفرقة .

المبحث :
فطرة الله التي فطر الناس عليها ، من الإيمان والتوحيد ، وهي أساس الوجود والهدف الذي وجدت الإنسانية من أجله ، عبادة الله تعالى وحده وعدم الإشراك به ، ثم جعل الناس على صفات وأخلاق تختلف من شخص إلى آخر ، لعل ذلك يعود إلى الطبيعة التي خلق الله تعالى أبي البشر منها فهو خلقه من جميع الأرض وهي طبيعة تختلف من مكان إلى آخر ، فبعدما خلق الله تعالى آدم عليه السلام ونفخ فيه من روحه أودع فيها الحب والخير وكل الصفات الحميدة والخصال الطيبة ، ومن المستحيل أن يزرع الله تعالى في البشر الشر لأنه خلقهم للخير وهو يدعو إلى الخير .

بدأ التفاوت وظهور الطبائع البشرية المختلفة عندما كان آدم كومة من صلصال كالفخار ممدة على الأرض لا روح فيها لمدة أربعين عاماً ، وإبليس يدور حولها ويتفحصها ، ثم يتخللها ليستكشف طبيعتها ومدى قوتها وصلابتها وتحملها ، لأن نوازع الشر قد تكونت في نفسه عندما علم أن الله تعالى سيجعل في الأرض خليفة ، فعلم أنها خلق لا يتمالك ، فأضمر لها الشر والحقد والضغينة ، والسعي الحثيت لاجتثاث ذلك الخلق الجديد الذي علم يقيناً أنه سينازعه في الأرض وفي الفضل ، بل سيكون أفضل منه .

ومن هنا بدأت طلائع الأخلاق الذميمة والصفات الدنيئة ، يؤصل لها الشيطان الرجيم حقداً وحسداً وضغينة كامنة في نفسه ، وبدأ الصراع بين الخير والشر من تلك اللحظة فالخير يتمثل في آدم عليه السلام والشر يمثله العدو الأكبر لبني البشر وهو الشيطان الرجيم ، ولأن الشيطان استطاع أن يكتشف تلك الجسد الممددة على الأرض بلا حراك ، وأدرك أنه يستطيع أن ينفث في داخلها سمومه وصفاته وآثامه ويزرعها زراعة جديدة لأنها لم تكن موجودة من قبل ولم يجبل الإنسان عليها أبداً ، إذا ما بدأت الروح تدب في تلك الجثة الهامدة .

ولما بدأت الروح تدب في أصلنا ، صاعدة من أخمص قدميه إلى أن تعم جسده وتسكنه ، حتى إذا وصلت إلى منتصفها أخذت من أبينا العجلة التي خلق منها فاراد أن ينهض فلم يستطع ، لأن الروح لم تكتمل في جسده ، فعلم إبليس أنها نفس خلقت من عجل ، وهذه ميزة أخرى قد يستفيد منها في التسرع في الأمور التي يجب أن تكون الروية مطلب أساس فيها ، وهي مدخل جيد بالنسبة له ليزرع فيها الحقد والضغينة بأسلوب آخر يتماشى مع مبادئ العجلة .

فلما أخذت الروح الطاهرة مكانها من الجسد واحتلته كاملاً عس آدم عليه السلام وقال الله تعالى لهذا خلقت يا آدم ، وبدأ فصل جديد في حياتنا ونحن لا زلنا في صلبه ، وحياة جديدة في الكون بأسره ، عندما أمر الله تعالى ملائكته وكان إبليس حاضراً بالسجود لآدم - فسجدوا إلا أبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه - ولم يكن من الساجدين - تكبراً وحسداً وحقداً تعززه الضغينة المتولدة منذو لحظات ، معلناً أول قانون على الأرضل في القياس والتفاضل ، ومقراً مبدأين هما اللذان تسير عليهما الحياة إلى الآن وإلى يوم القيامة ، وهما مبدأ الخير والشر ، ثم أسس لحالة ستكون صادرة عن ذلك المبدأين ، ألا وهو الصراع ، الصراع الدائر بين الخير والشر إلى الأبد .

كان ذلك الصراع وليد حقد وضغينة وحسد وغل تولد في لحظة هي مفترق طرق كونية وحياتية أزلية ، تولد في نفس خبيثة ، تأصلت في تلك النفس الخبيثة ، وزرعتها مظاهر الكبر والتعالي ، والغطرسة الجوفاء ، والغرور الذي بدأ ينشأ منذ زمن نتيجة الإعجاب بعبادة تفرد مفرطة ، حتى انقلبت غروراً وكبرياء وتعال على الخالق سبحانه وتعالى . وتدعي الكمال والفضل على سائر الخلق - أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين .

فلم يهدأ لتلك النفس الخبيثة بال منذو ذلك الحين إلى الآن وإلى أبد الآبدين وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، حتى تسلل إلى عمق النفس البشرية ، ونفث فيها آفاته وحقده وغيظه وضغينته ، وحسده ، وبغضه وكرهه ، في أبشع صورة .

وهاهم الناس من لحظة أن أبلس الله تعالى الشيطان ، وطرده من رحمته ، يتعاملون بتلك القيم الناقصة الحاقدة ، فيما بينهم ، متناسين أنها أخلاق شيطانية بغيضة ، وزرع خبيث وخلق شيطاني بحت الهدف منه الانتقام والتفرقة بين الناس ، وإيغار النفوس ، ونشر الأحقاد فيما بينهم ، والبعض يتلذذ بها ويتخذها سيرة ومنهاجاً ، وأسلوب حياة ممنهج في داخله ، لن يستفيد منه سوى قتل الروح الإنسانية السامية ، التي جبلت على الخير والعطاء والحب ، في داخله ، واستعداء نفساً أخرى وقعت عليها آثار تلك الطبائع السوداوية ، وتجرعت غصصها واشتعلت بنارها ولظاها .

ولو أنه حكم عقله وتروى قبل أن يسمح لذلك الخلق بأن يسيطر عليه لكان خيراً له وللناس ، وكان سيقتل خلقاً ذميماً في داخله ، ويحيي نفساً طيبة في داخله بدلاً منها ، واحتفظ بأخ له في مكان ما على وجه المعمورة ، بما زرعه من حب وسلام في طريقه إليه ، وسلك طريقاً يدعو فيه إلى الخصال الحميدة وتمنهج بمنهج الله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ، ومنهج الإخاء الإنساني الإسلامي - إنما المؤمنون إخوة - وهي صفة خص الله بها المؤمنين وهي الأخوة في الإسلام والدين والعقيدة ، ومن فقد هذه الخصلة فقد فقد حكماً من أحكام المؤمنين بهذه الآية .

والرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - لم يدع باباً من أبواب الخير إلا دلنا عليه ، ولم يدع باباً للشر إلا أغلقه وحذرنا منه ، ولنا فيه الأسوة الحسنة في عمل الخير والتحلي بالأخلاق الكريمة ، والإسلامية فنهى عن التباغض والتحاسد والتناجش فقال صلى الله عليه وسلم : لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث - وقال حاثاً على المحبة : وقال حاثاً على المحبة والألفة: { والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. } [رواه مسلم].
( وعندما سُئل النبي أي الناس أفضل؟ قال: { كل مخموم القلب صدوق اللسان } قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: { هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد } [رواه ابن ماجه] وسلامة الصدر نعمة من النعم التي توهب لأهل الجنة حينما يدخلونها: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ [الحجر:47] وسلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة وهي من أسباب دخول الجنة. قال ابن حزم وكأنه يطل على واقع كثير من المتحاسدين والمتباغضين، أصحاب القلوب المريضة .

وقد تحدث القرآن الكريم عن آفات الحسد ومرادفاته بقوله تعلى : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحمة وآتيناهم ملكاً عظيماً ) البقرة .
وغير ذلك من الآيات الكريمة ، اختصرتها حتى لا أطيل .

فلماذا نتنصل من مبادئنا وقيمنا ونقتل روح الإخوة والإنسانية المغروسة فينا منذو أن خلق الله آدم ، وننهج منهج الشيطان ونسلك طريقه ، ونتصف بصفاته ، وأخلاقه ، ونستكين لنفثه ؟
ولماذا نسعى جاهدين لإنهاك أجساداً ونفوساً ظلت تنظل وتكافح من أجل عزتها ورفعتها ؟
لماذا يقتل المسلم أخاه ويكن له الحقد والضغينة في داخله ولماذا يتحلى البعض بالأخلاق والصفات الشيطانية ؟
ولماذا ، ولماذا ، ولماذا ؟
تساؤلات ضعوا بعدها كل تساؤلاتكم عما تستغربون وما تمقتون من خلق يمكن أن يتتصف به إنسان ، لماذا كل ذلك ؟ وستجدون العبارات تستقيم .
ودامت لكم محبتكم وإخاؤكم .


 

رد مع اقتباس