عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2010, 07:33 PM   #1


الصورة الرمزية كًحيَـِҜaĥḭḺaŇـِلآنَ
كًحيَـِҜaĥḭḺaŇـِلآنَ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 429
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 01-31-2013 (02:20 PM)
 المشاركات : 207 [ + ]
 التقييم :  110
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي فـ/ـي وطنيَ آلح‘ـبيب ، تمنيتَ آكل لحـ/ـمَ حمـآرَ



بسم الله .. وبه نستعين
في صباحات شتاء مدينة الغبار والدمار مدينة الرياض
كنت كغيري من الصغار أحمل حقيبتي فوق ظهري و أذهب إلى المدرسة متجولاً بين الأزقة ركضاً ، للبحث عن الدفء من جهة ، ولمنافسة صحبتي الذين يركضون معي أيناّ يخرج البخار من فمه بكثافة !
كانت البراءة عنوان عريض لتلك الحقبة الزمنية حتى بالنسبة للكبار
كنا نلهو في فناء المدرسة قبل أن يُقرَع الجرس على أنغام أغنية
" ربنا واحد ودربنا واحد - كلنا فيصل وكلنا خالد "
كنّا نرددها بشوقٍ ولهفة وبعفوية شديدة ، كانت تُمثّل لنا إحساساً غامراً بالوطنية
لن أنسى في تلك المرحلة الأغنية الشهيرة
" خالد خالد خالد .... انتا ملكنا وانتا الوالد "
كبرنا قليلاً وعشنا فصولاً أخرى من الوطنية ولكن هذه المرة على أنغام أغنية
" يا بلادي واصلي "
حيث لم تؤثر بطلاب تلك المرحلة أغنية وطنية كتلك !
كانت بالنسبة لنا وجبة يومية نتراقص على أنغامها أثناء الفسحة
لم يكن في تلك الأيام نشيداً وطنياً نردده في المدارس كما هو حاصل الأن ، كانت وطنية عفوية بلا تلقين وبلا منهج وبلا بهرجة
كان الوطن بالنسبة لنا كما صوّره لنا المرحوم خالد زارع في البرنامج ذائع الصيت
" ربوع بلادي "
كنا نتحلّق حول التلفاز لنشاهد مناطق من الوطن لم نراها قط !
كانت نشرات الأخبار بالنسبة لنا بمثابة الترياق الذي يحمينا من سموم أعداء الوطن
كنت أرى جلالة الملك في التلفاز أكثر مما أرى والدي الذي كان مشغولاً في تأمين ما يمكن لأفواهنا أن تلتهمه في وجبة العشاء ، لا زلت أتذكره رحمه الله عندما كان يعود بعد صلاة العشاء
ويحمل معه عيش الشريك الذي نقوم بغمسه في الشاي قبل تناوله
ثم نفقد الأمل في متابعة المسلسل اليومي الوحيد بسبب بث التلفزيون تسجيلاَ لإحدى مشاريع جلالته بعد نشرة الأخبار !
ونذهب إلى الفراش
الذي صوره الشاعر محمد الدحيمي
في قصيدته غربة بلا عنوان :
سـقــى الله بـيـتـنـا ذاك الـبـسـيـط مـشـقــق الــجــدران
شــجـــاع ٍ يــهـــزم الــغـــدراء بـقـنـديـلـه ومـصـبـاحــه
تكحّلنا القناعـه .. لا طمـع .. لا هـم .. لاحرمـان
وإذا جــاء اللـيـل تكفيـنـا ثــلاث اخــوان ..طـرّاحــه !


تمنيت في تلك الحقبة الزمنية أن أكون " الدوق فليد " بطل مسلسل مغامرات الفضاء " جريندايزر " كي أحمي فضاء وطني من الأشرار !


أه يا وطني
عشقناك أطفالاً ورددنا سوياً
روحي وما ملكت يداي فداه .. وطني الحبيب وهل احب سواه ..


كنت لنا يا وطن تلك السماء المُظلة وذاك الثرى الطاهر .. ولا زلت !
أحببنا علمك يا وطن وقبّلناه ونصبنا له الأعمدة لنرفعه فوق أسطح بيوتنا المتصدعة
لن أنسى ذلك اليوم يا وطني عندما كان " علمك " من نصيبي بينما كنا نتسابق على جمع أعلام الدول في عُلب " وجبات التغذية " التي كانت تصرف لنا في المدارس !
رددت أغانيك صغيراً يا وطني وتراقصت على ذات الأغاني عندما كبرت
وتراقصت معها على أشلاء أحلامي !
كان حبنا لك يا وطن يفوق أعمارنا ، وكانت أحلامنا يا وطن تفوق آلامنا
عشنا الفقر يا وطن ولم نعيبك ، عشنا الحرمان يا وطن ولم نقسو عليك
كان المستقبل هدفنا ، فالحاضر لن يطول ، والماضي لن يعود
تجنّد آباؤنا ليحمون الثغور ويشفون الصدور يا وطن ، ووجدوا أنفسهم بلا سكن يأوي ولا مرتب يكفي بعدما انتهت الخدمة وذهبت الصحة !
درسنا في فصولك وتخرجنا من قاعاتك يا وطن ، ووجدنا أنفسنا في صفوف العاطلين !!


كانت أحلامي صغيرة يا وطن ، منزل يأوي أبنائي .. بلا مسبح وبلا كراج
فوجدت نفسي مُحاصراً بين مطرقة راتب لا يكفي وسندان مُؤجر لا يرحم !
وطني الحبيب لن يزول حبك ، فعشق الأوطان لا يزول
ولسوف أُردد كل حين
و طني هو ينبوع العدالة و التقى نـور الحيـاة و كلنـا نهـواه
إنـي هتفـت بمجـده مترنمـا وسألت ربـي أن يديـم عـلاه


وطني
لطالما تكحّلت عيناي بآبار نفطك عندما يعرض التلفاز أمجادك
ولطالما حفظت في حصص المطالعة أشهر حقولك


آآآآآآآآآآآآآه يا وطني
بعد أكثر من ثلاثين عاماً صحوت في يوم أسود
على أنقاض حلم لم يكتمل
لأجد نفسي بلا سكن !
وأبناء ينتظرهم المجهول !
وأخوان بلا وظائف!
وأقارب لم يجدوا مكاناً في جامعاتك التي تزيد عن العشرين !
والآلاف من العاطلين يجوبون وزاراتك بملفاتهم الخضراء !
والملايين من الطلاب يدرسون بلا هدف !
ومليون ونصف فتاة عانس !


عذراً يا وطني لا أستطيع كتابة المزيد !
آثرت أن أُكبّل قلمي ، وأخرس بوحي ، وأكتم عبراتي ، وأغتال معاناتي
لأُمسك بالريموت للبحث في قنواتك الرسمية عن باقي أمجادك
ووجدت نفسي فجأة أمام مواطنة عجوز تعيش هي وبناتها الخمس وزوجة ابنها وأطفالهن على راتب 1400 ريال
كل أمنيتها في الحياة أن تعيش بستر وتأكل اليسير من اللحم " وإن كان لحمار " !
لن أُثقل عليك يا وطني
لا أريد أكثر من حفظ كرامتي كإنسان !
وقد يكون المقطع والصورة أبلغ مما قلت


يازمان الذل زل
_________


 
 توقيع : كًحيَـِҜaĥḭḺaŇـِلآنَ

كًحيـҜaĥḭḺـلآن


رد مع اقتباس