عرض مشاركة واحدة
قديم 08-20-2010, 04:13 AM   #8


الصورة الرمزية هادي أبوعامرية
هادي أبوعامرية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 347
 تاريخ التسجيل :  Oct 2009
 أخر زيارة : 05-23-2013 (12:26 AM)
 المشاركات : 241 [ + ]
 التقييم :  1094
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: من قصص عدل خادم الحرمين قبل أن يصير ملكاً!.





من قصص عدل خادم الحرمين.



مع مطلع عام 1396هـ بدأت تظهر الآثار السلبية للنهضة الصناعية بالمملكة، أو ما عرف بالطفرة، وبدأ تأثيرها على ذوي الدخل المحدود ملموساً، بارتفاع أسعار المواد الغذائية والكهرباء وإيجارات العقار، فلم تجد الدولة بداً من دعم المواد الغذائية, بتحمل نسبة من سعر الاستيراد، ودعم شركات الكهرباء الخاصة بما لا يقل عن 40% من قيمة استهلاك المواطن، ولم يكن ارتفاع المواد الاستهلاكية والمواد الخدمية لأسباب عالمية، بل لأن الشركات والتجار والمستوردين، كل فئة من هؤلاء أرادت حصة من كعكة الطفرة وتحت ضغوط المعيشة لم تجد الحكومة بدأ من رفع الأجور إلى الضعف، وإلى أكثر من الضعف، وتنفس الناس الصعداء، ولكن أصحاب الشره والثراء السريع، تفتحت شهيتهم في كل اتجاه، ولم يتوقف ذلك على القطاع الخاص، بل شمل القطاع العام، والمؤتمنين على القطاع العام، والتاجر والصانع وملاك العقار، المزارع وحده الذي لم يجد سبيلاً للنهب والسرقة فتردت الزراعة، وهجرها أهلها في الغالب الأعم، ولن أتكلم هنا عن كل نواحي الخلل إبان الطرفة، فقد أصاب الخلل كل مرفق من مرافق الحياة، بل سأكتفي بالعقار وتحول الأراضي إلى مادة للمتاجرة تحقق الملايين، وتغير المستوى المعيشي لطبقات الشعب، فكم من موظف هجر وظيفته، بسبب قطعة أرض بيعت بملايين، بل رب سائق سيارة أجرة، هجر مهنته ليعيش في جنيف، على دخل يأتيه من السعودية مقداره مليون ريال سنوياً، وكما يقول المثل الشعبي، الثوب الذي لا يعرف البخور يحترق، لقد فقد أصحاب تلك الثروات السريعة ثرواتهم، وما يهمنا في قصتنا، تلك العصابات التي قامت لبسط أيديها على الأراضي الخلاء وتقاسمها وبيعها, وهم فئتان، فئة متسلحة بصكوك شرعية تستخرج بأساليب مختلفة، وتمثل العصابة الموسرة، وتقوم هذه الفئة بتقسيم الأراضي المنهوبة إلى مخططات تضاف لها الخدمات الضرورية المتواضعة، وقد تدخل هذه العصابات في صكوكها الشرعية أراضي صدرت لها صكوك المرة بعد الأخرى، يقول المثل إذا كنت كذوباً فكن ذكوراً، والذين يصدرون الصكوك لا يذكرون اليوم ما أصدروا بالأمس، فتحدث الأخطاء التي ذكرت, وهذه الفئة تحمي منهوباتها بالنظام والجهات النظامية.

أما الفئة الأخرى فهي عصابات تتسلح بالهراوى، لا يقل عدد أفراد كل عصابة عن خمسة عشر فرداً، ولا يزيد عن عشرين، يبسطون أيديهم على أرض فسيحة، ثم يقسموها بينهم، ثم يقسم كل واحد ما بحوزته إلى قطع صغيرة، ويراهم الناس فيظنون الأمر مباح لكل شخص، فيأتي الفرد والاثنين والثلاثة فيبسطون أيديهم على مساحة من الأرض، فتمهلهم العصابة حتى ينصرف الناس، ثم يتجمع كامل أفراد العصابة على أولئك النفر، ويضربونهم ضرباً يجعلهم يقسمون ألا يعودوا لمثلها أبداً، وبعد ذلك تبدأ العصابة في بيع قطع الأراضي، سعر كل قطعة عشرة آلاف ريال تزيد وتنقص، ولأنني أكره مثل هذه الأخلاق، لا أدري أعن جبن أم ثقافة، لم أنتمي إلى أي عصابة، ولم أشتر أي أرض، لأني لم أكن أملك العشرة آلاف ريال، وخفت أن أشتري قطعة فيتجمع علي أفراد العصابة ويضربوني حتى أترك لهم الجمل بما حمل، لذلك لم أفكر في امتلاك أرض سكنية، وأصحابي يلحون علي، تعال نضع أيدينا على قطعة أرض فلم أقبل، ونصحتهم بعدم فعل ذلك، فأبوا وراحوا يضعون أيديهم مع الواضعين، ومضت ليلتين وفي الثالثة جاءوني وقد صبغت ثيابهم بالدم، فأخذتني الحمية، وقلت لهم هيا، فقالوا إلى أين؟ فقلت إلى هؤلاء الذين ضربوكم وأخذوا أراضيكم، فأجلسوني وقالوا توبة لن تطأها أقدامنا أبداً، كما يقول المثل : " إذا زرتك يا خبت البقر سمني ثور"، وأراد الله أن أشتري سيارة أجرة "تاكسي" أُحَسِّن به دخلي، وحملت في سيارتي ذات يوم شخصاً عليه سيما الصالحين، عرفني بنفسه فإذ به السيد/ العيدروس مفتي قطر السابق، وتداولنا الحديث، وشكوت له عدم قدرتي على شراء أرض، وعصابات الأراضي التي تحول بين مثلي وتملك قطعة أرض بوضع اليد، وأحسب الرجل رحمه الله رق لي، فباعني قطعة أرض بثمن بخس، وبالتقسيط المريح بقسط شهري قدره ستمائة ريال، وقد آلت إليه بالشراء من عصابات الأراضي، دون صك شرعي، فجزاه الله عني خير الجزاء، وبدأت أتعرف على متاعب سكان الأحياء الشعبية مع البلدية والمفردات الغريبة، أو قل الحِكَم الجديدة، وأهمها حكمة دهن السير يسير، وهذه المتاعب بدأت حين بدأت ابني بيتاً شعبياً متواضعاً، وكانت سيارات البلدية تدور طيلة أوقات الدوام، وشاء الله أن أسلم منهم ومن دهن السير بالمواعيد والتسويق، حتى غضبوا وضيقوا على العمال فأعطاهم أحدهم ثلاثمائة ريال فانصرفوا عني، وهذا من فضل الله فمن الناس من كان يهدم بيته أكثر من مرة، ويدهن السير في نهاية المطاف، ولما انتهت الأحياء الشعبية في طريق مكة القديم، من الكيلو الحادي عشر، إلى الكيلو الخامس عشر بدأت مشاكلنا مع البلدية، ولن أسمي أشخاصاً، وتجلى لنا عدل عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وكيف يكون غضبه إذا غضب للعدل ولشعبه.

أردنا إيصال التيار الكهربائي لمنازلنا، فاعترضت البلدية، أُناس يسمونها الأمانة، وهي تسمية بحاجة لإعادة نظر، فكنا كلما أبرقنا إلى الملك فهد رحمه الله تحول شكوانا إلى البلدية، أفيدونا أفدناكم.. أفيدونا أفدناكم، ولا نعرف عن أعذار ومبررات البلدية شيئاً، فتصدق مبرراتهم وتكذب شكاوانا، رغم أننا الفئة المعدمة من الشعب السعودي، ثم أشار علينا أحدهم أن نوجه شكوانا إلى الأمير عبد الله بن عبد العزيز وكان آنذاك ولي عهد، واستمر أسلوب أفيدونا أفدناكم.. أفيدونا أفدناكم، تصدق البلدية ويكذب المواطنين المساكين، والبلدية ومن حولها من الموسرين طامعين في هذه المساحة من الأرض التي قد أوقفها الملك عبد العزيز رحمه الله على العين العزيزية، وشاء الله أن يبلغنا شخص من أهل الخير نص اعتراض البلدية، وتتلخص مبرراتها في التالي:

1- إن هذه الأحياء عشوائية وبحاجة إلى تخطيط وسيكلف ذلك الدولة مبالغ طائلة دون نتيجة ذات بال.
2- إن سكان هذه الأحياء من الجالية اليمنية الشقيقة.

وكانت الجملة الأخيرة سبباً في غضب صفر سبعة، فهم الغالبية العظمى من السكان، عسيري وجيزاني ومن تهامة القنفذة، ومن سراة غامد وزهران، ومن لف لفهم، فعقدنا العزم أن نشكو إلى ولي العهد، عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله، خادم الحرمين في وقتنا الحاضر, ونرفق مع الشكوى صور هوياتنا "حفائظ النفوس"، قبل بطاقات الأحوال، وتجمع لمن تعهد بإيصالها إلى خادم الحرمين آلاف من صور حفائظ النفوس، فاكتفى منها بألفي حفيظة، وكان عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله غائباً خارج المملكة، ولكن وصلته الشكوى وشوال حفائظ النفوس، إلى حيث كان!, فعاد دون أن يبطئ، والقصة القادمة على ذمة رواتها، لم أحضرها ولست ممن يحضر مناسبة قدوم خادم الحرمين, لا الآن!!, ولا حين كان ولياً للعهد.

يقال جاء خادم الحرمين عبد الله بن عبد العزيز وقد امتقع وجهه باللون الأحمر، وحضر البلدية بسيارته المصفحة ضد الرصاص، وبعد أن جاوز خادم الحرمين سلم الطائرة بصر بالبلدية في جملة المستقبلين، فهجم عليه من شدة الغضب، فحاول البلدية الهرب، فأدرك خادم الحرمين أذن البلدية، فأخذ يقوده بإذنه!!!, وقد أزبد كأنه جمل أورق وهو يقول: تبغى تُكَّرِّه شعبنا فينا، تبغى تكره شعبنا فينا، أي تريد أن تصنع لنا كراهية في قلوب الناس، لا أدعي أني حضرت هذه الحادثة، ولكن المثل يقول اتق غضبة الحليم، وخادم الحرمين حليم وقد غضب، ولم يزل يقود البلدية حتى الصالة الملكية ثم أطلقه، فما أشرقت شمس اليوم التالي إلا على أصوات السيارات والغرافات والشيولات ومعاول العمال، تمدد أسلاك الكهرباء إلى كل بيت ولو كان بيتاً منفرداً على جبل.


للحديث بقية...



هادي بن علي بن أحمد أبوعامرية..





 

رد مع اقتباس