عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-2010, 09:29 PM   #2


الصورة الرمزية شموع الخير
شموع الخير غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 840
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 أخر زيارة : 04-22-2014 (05:53 PM)
 المشاركات : 146 [ + ]
 التقييم :  33035099
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: قــواعد قــرآنية ::




القاعدة الأولى:
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)






إنها قاعدة تكرر ذكرها في القرآن في أكثر من موضع إما صراحة أو ضمنا ً:

فمن المواضع التي توافق هذا اللفظ تقريباً قوله تعالى:
{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
[الإسراء: من الآية53].

وقريب من ذلك أمره سبحانه بمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، فقال سبحانه:
{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}
[العنكبوت/46].

أما التي توافقها من جهة المعنى فكثيرة كما سنشير إلى بعضها بعد قليل.

إذا تأمل في قوله تعالى:
{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}
جاءت في سياق أمر بني إسرائيل بجملة من الأوامر وهي في سورة مدنية ـ وهي سورة البقرة ـ وقال قبل ذلك في سورة مكية ـ وهي سورة الإسراء ـ:

أمراً عاماً
{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}
إذاً فنحن أمام أوامر محكمة، ولا يستثنى منها شيء إلا في حال مجادلة أهل الكتاب ـ كما سبق ـ.


ومن اللطائف مع هذه الآية

أن هناك قراءة أخرى سبعية لحمزة والكسائي:
{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حَسَناً}

قال أهل العلم:
(والقول الحسن يشمل: الحسن في هيئته؛ وفي معناه، ففي هيئته: أن يكون باللطف، واللين، وعدم الغلظة، والشدة، وفي معناه: بأن يكون خيراً؛ لأن كل قولٍ حسنٍ فهو خير؛ وكل قول خير فهو حسن)(1).

وقد أحسن أحمد الكيواني حيث قال:
من يغرس الإحسان يجنِ محبة *** دون المسيء المبعد المصروم
أقل العثار تفز، ولا تحسد، ولا *** تحقد، فليس المرء بالمعصوم



أيها القارئ الموفق:

إننا نحتاج إلى هذه القاعدة بكثرة، خاصةً وأننا ـ في حياتنا ـ نتعامل مع أصناف مختلفة من البشر، فيهم المسلم وفيهم الكافر، وفيهم الصالح والطالح، وفيهم الصغير والكبير

بل ونحتاجها للتعامل مع أخص الناس بنا:
الوالدان، والزوج والزوجة والأولاد، بل ونحتاجها للتعامل بها مع من تحت أيدينا من الخدم ومن في حكمهم.


وأنت ـ أيها المؤمن ـ إذا تأملتَ القرآن، ألفيت أحوالاً نص عليها القرآن كتطبيق عملي لهذه القاعدة، فمثلاً:

1 ـ تأمل قول الله تعالى ـ عن الوالدين ـ:
{وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}
[الإسراء: من الآية23]

إنه أمرٌ بعدم النهر، وهو متضمن للأمر بضده، وهو الأمر بالقول الكريم، الذي لا تعنيف فيه، ولا تقريع ولا توبيخ.


2 ـ وكذلك ـ أيضاً ـ فيما يخص مخاطبة السائل المحتاج:
{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}
[الضحى:10]

بل بعض العلماء يرى عمومها في كل سائل: سواء كان سائلاً للمال أو للعلم

قال بعض العلماء:
"أي: فلا تزجره ولكن تفضل عليه بشيء أورده بقول جميل"(2).


3 ـ ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة القرآنية، ما أثنى الله به على عباد الرحمن، بقوله:
{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}
[الفرقان: من الآية63]

يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ في بيان معنى هذه الآية:
"وإذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهونه من القول، أجابوهم بالمعروف من القول، والسداد من الخطاب"(3).

وهم يقولون ذلك
"لا عن ضعف ولكن عن ترفع؛ ولا عن عجز إنما عن استعلاء، وعن صيانة للوقت والجهد أن ينفقا فيما لا يليق بالرجل الكريم المشغول عن المهاترة بما هو أهم وأكرم وأرفع"(4).


ومن المؤسف أن يرى الإنسان كثرة الخرق والتجاوز لهذه القاعدة في واقع أمة القرآن، وذلك في أحوال كثيرة منها:

1 ـ أنك ترى من يدعون إلى النصرانية يحرصون على تطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الناس إلى دينهم المنسوخ بالإسلام
أفليس أهلُ الإسلام أحق بتطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الخلق إلى هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله لعباده.
2 ـ في التعامل مع الوالدين.
3 ـ في تعامل الزوج مع زوجه.
4 ـ مع الأولاد.
5 ـ مع العمالة والخدم.


وقد نبهت آية الإسراء إلى خطورة ترك تطبيق هذه القاعدة، فقال سبحانه:
{إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}
[الإسراء: من الآية53]!

وعلى من ابتلي بسماع ما يكره أن يحاول أن يحتمل أذى من سمع، ويعفو ويصفح، وأن يقول خيراً، وأن يقابل السفه بالحلم، والقولَ البذيء بالحسن، وإلا فإن السفه والرد بالقول الردئ يحسنه كل أحد.


وهذه واقعة لأحد دهاقنة العلم وهو الإمام مالك رحمه الله مع الشاعر الذي قضى عليه بحكم لم يرق له، فتهدده بالهجاء، فقال له مالك:

(إنما وصفتَ نفسك بالسفه والدناءة، وهما اللذان لا يعجز عنهما أي أحد، فإن استطعت أن تأتي الذي تنقطع دونه الرقاب فافعل: الكرم والمروءة!(5)).


وما أجمل قول المتنبي:
وكل امرئ يولي الجميل محبب *** وكل مكان ينبت العز طيب




______________

(1) ينظر: تفسير العثيمين 3/196.
(2) تفسير الألوسي 23/15.
(3) تفسير الطبري 19/295.
(4) ينظر: الظلال 5/330.
(5) انظر: ترتيب المدارك 1/59.






لنا عودة مع قاعدة أخرى


 
 توقيع : شموع الخير


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


رد مع اقتباس