الموضوع: وهم لها سابقون
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-2010, 04:17 AM   #1


الصورة الرمزية اسير الصمت
اسير الصمت غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 238
 تاريخ التسجيل :  Aug 2009
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:46 AM)
 المشاركات : 23,795 [ + ]
 التقييم :  2147483647
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وهم لها سابقون



و هم لها سابقون
___________

من أجمل إنعام الإسلام علينا أن وضّح لنا سبل الخير، و حضنا على السير فيها؛ كلّ منا على قدر استطاعته، و على قدر ملَكاته التي وهبه الله إياها..
و من جليل إنعامه علينا أنه عندما يضع الإنسان قدمه على بداية الطريق؛ فإنه ستغمره لذة و حلاوة تسري في بدنه و تدعوه للمواصلة و للمزيد.. إنها من حلاوة الإيمان، و كلما مضى الإنسان و توغل في طريق الإيمان، ازداد سعيه و ازدان طريقه حلاوة أمام ناظريه، و تغمدته محبةً في الزيادة و في العدْو؛ فيستنفر كل جهده ماديّ أو جسدي، أو معنوي، بما فيها أنفاسه التي لا يعلم متى تنقضى، فهو في كل لحظة يشعر أنه في صراع مع الوقت، و الزمن، و أن الدنيا مهما أثقلت بـ بلائها و همومها؛ فهي دار جمع، و بذر لثمرات سيحلو قطفها في قريب ..

يقول ربنا: " وَسَارِعُوا إِلَي مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْوَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَيُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَوَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَافَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوالِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَي مَافَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"

و المسارعة تعني المشاركة أي دعوة لسبق الآخرين و التنافس في الصالحات.. فـ سارع .. تختلف في هذا المعني عن كلمة " أسرِع"
إنه مارثون إيماني ممتد.. التنافس فيه ليس في حدود الدنيا الفانية في المال، و لا في الأولاد، و لكنه تنافس فيما هو أسمى من تلك المتع، مضمونٌ مع الإخلاص و حسن الخاتمة .. تعقد عزائم هؤلاء الصالحين على أبواب الجنة و غرفاتها بزخرفها و بنعيمها و بهيئتها القشيبة التي رسمها ربنا بأبهى الحلل في كتابة، و ما خفي منها كان أعظم.. هذه الجنة تستحق مجاهدة النفس و استعلاء الهدف الأسمى من الحياة فوق نوازغ النفس و الشيطان..

يقول ربنا: " إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون، و الذين هم بآيات ربهم يؤمنون، و الذين هم بربهم لا يشركون، و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلةٌ أنهم إلى ربهم راجعون، أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون"

روى الإمام أحمد عن عائشة أنها قالت: " يا رسول الله { وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } هو الذى يسرق ويزنى ويشرب الخمر، وهو يخاف الله - عز وجل -؟


قال: " لا يا بنت الصديق، ولكنه الذى يصلى ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله - تعالى - " ".



إنهم الصالحون المتجملون بالخشية و الإيمان المطلق لله، و السخاء عن طيب نفس مع حرص و إضمارٍ للخشية ألا يقبل الله منهم هذا الصنيع .. كل هذا منحهم السبق، بل و حملهم على الوصول للخيرات .. فـ هم أهل لها ( و هم لها سابقون ).. كيف لا و هي التجارة الرابحة مع الله، مع واهب المن و العطاء..الذي لا يبخس شيئاً، و يزيد من رحماته و عطائه الذي لا يقتر به على أحد..

و لنا في الصالحين خير المثل.. فهم يتسابقون مع أنفسهم، و يتسابقون مع بعضهم، يروي ابن القيّم رحمه أن عمر رضي الله عنه..كان يتفقد و يتلمس خطا أبي بكر الصديق رضي الله عنه.. منافسة له في الخير و اقتفاء لصالحاته.. فكان بعد صلاة الفجر يرى عمر أبا بكر إذا صلّى الفجر يخرج من المسجد إلى ضاحية من ضواحي المدينة.. فيتساءل عمر في نفسه مال أبي بكر يخرج؟
ثم تبعه في أحد المرات.. حتى رآه قد دخل خيمة منزوية، فلما خرج أبو بكر دخل بعده عمر الخيمة؛ فإذا في الخيمة عجوز حسيرة كسيرة عمياء معها طفلان لها فقال لها عمر: يا أمة الله من أنتي؟
قالت: أنا عجوزاً كسيرة عمياء في هذه الخيمة مات أبونا ومعي بنات لا عائل لنا إلا الله عز وجل قال عمر: ومن هذا الشيخ الذي يأتينكم ؟ (وهي لم تعرفه) قالت: هذا شيخ لا أعرفه يأتي كل يوم فيكنس بيتنا ويصنع لنا فطورنا ويحلب لنا شياهنا.


فبكى عمر رضي الله عنه وقال: أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر
:"


شيخان كبيران يتنافسان على خدمة امرأة عمياء!

-------
و المتأمل للأيات السابقات يجد أن سخاء ذات اليد مع الشعور بالرضا و الفرحة لهذا الصنيع هو عين السبق..
{ ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً }



و لكن كيف بشخص أصابته الفاقة؟؟
فقد أجاب رسول الله صلى الله عليه و سلم.. الصحب حين سألوا النبي: أن أهل الصّفة قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصّدّقون به، إن لكم بكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة ".




نسأل الله أن يهدينا لأمور ديننا و أن يجعل حياتنا زيادة في كل خير، و أن يجعل مماتنا راحة و صرفاً لنا عن كل شر

إنه حكيم قدير


 
 توقيع : اسير الصمت




رد مع اقتباس