عرض مشاركة واحدة
قديم 04-21-2012, 04:16 AM   #1


الصورة الرمزية سمارة
سمارة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1837
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 09-13-2012 (10:11 PM)
 المشاركات : 6,134 [ + ]
 التقييم :  106
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي علم تفسير القرآن الكريم




<b>







اليوم سأكون معكن أخواتي في مبحث جميل و رائع من مباحث علوم القرآن, مبحث فيه الكثير من العبر
و الحكمة والموعظة التي لم يأت بها بشر و لكن تفضل بها علينا ربّ البرية جل من إله و تعالى من ربّ..
سنبحر معاً اليوم في عالم المثل القرآني و ياله من عالم و يالها من آيات بها من العبر ما لا يعد و لايحصى,
عبر خالدة لا تموت ما بقيت الأرض والسموات,عبر جديدة متجددة لا يصيبها القدم أو تندثر من على ألسنة
الشعوب لا تبلى ولا تنسى.. نعم أخواتيذلك هو شأن المثل في القرآن الكريم.. فهيا معاً في هذه الإطلالة
الموجزة على هذا الموضوع المهم في علوم القرآن.
لماذا المثل؟

قد يسأل أحدنا: لم يستعمل القرآن الكريم التمثيل و التشبيه في آيات كثيرة و بأساليب متنوعة؟
و الجواب بكل بساطة: لأننا نحن _الناس_ من جبلتنا أن نعتمد على تجارب من سبقنا قبل تجربة كل جديد
و نرى ما فعل من قبلنا لنصل لما نريد و نتجنب ما لا نريد.. وتكون تلك التجارب مثلاً لنا يفرض حكم العقل
علينا أخذ العظة و العبرة منه وسيكون تركه مجازفة يتحمل المرء عواقبها لوحده.. أضف لذلك أن ذكر المثل
يضيف على كلام المتكلم مصداقية تجعل من حولك يعلمون أن كلامك نابع عن تجربة مما يدفعهم لتصديق
أفكارك و لما كان القرآن الكريم يخاطب الناس بما يفهمون وبالأسلوب الذي جروا عليه في أحاديثهم وأخبارهم,
كانت الأمثال في هذا الكتاب العزيز وسيلة تكشف للناس العبر بسهولة ويسر, و طريقة لربط الماضي بالحاضر
لأخذ العبرة و العظة, ذات أهداف تربوية لاغنى عنها للمؤمنين في شتى مناحي حياتهم.


ما هو المثل؟
في اللغة المَثل و المِثل هو الشبه و هو أيضاً عبارة عن قول في شيء يشبه شيئاً آخر بينهما مشابهة ليبين
أحدهماالآخر و يصورهو حتى يقال للمثل مثلاً وجب أن تجتمع فيه مواصفات حددها النَّظام بقوله ( يجتمع في
المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ, وإصابة المعنى, وحسن التشبيه, وجودة الكناية فهو
نهاية البلاغة)أما في القرآن الكريم: فهو إبراز المعنى في صورة حسية موجزة تكسبه روعة وجمالاً وتوصله
للسامع بسهوله و يسر نظراً لما له من وقع في النفس.

أنواع الأمثال في القرآن الكريم:
و هي على أنواع ثلاثة:
الأمثال المصرحة:
يقصد بها الأمثال التي يصرح فيها بلفظة المثل أو ما يدل عليها, و هو كثير في القرآن الكريم.كقوله تعالى:
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ)
سورة البقرة,آية 17
وكقوله عزمن قائل: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ)
سورةالنحل,آية 92
الأمثال الكامنة:
وهي التي لم يصرح فيها بلفظ المثل لكنها تحمل معانٍ رائعة موجزة يمكن نقلها لما يشبهها.. و آيات
هذا النوع قريبة الصلة لأمثال معرفة سائرة بين الناس, و يمكن لنا القول أنها أمثال بمعانيها لا ألفاظها.
و في كتاب (المدهش) لابنالجوزي نعثر على إضاءات رائعة لهذا الصنف من الأمثال, اخترت لكن بعضها:
قولهم:القتل أنفى للقتل, مذكور في قوله تعالى:(وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
سورة البقرة,آية 179
وقولهم: ما راءٍ كمن سمع, مذكور في قوله تعالى:(قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) سورة
البقرة, آية 260
وقولهم خير الأمور أوسطها, مذكور في قوله تعالى: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ
فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً) سورة الإسراء, آية 29و غيرها الكثير من الآيات.الأمثال المرسلة:
و هي آيات من القرآن الكريم أو بعض من آية جرت عادة بعض الناس على ضرب المثل بها في بعض الأحوال,
مثالاًلذلك قوله تعالى: (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) سورة هود, آية 81و قوله تعالى: (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) سورة
الإسراء, آية 84

وقوله تعالى: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى)سورة الحشر, آية 14و غيرها الكثير مما لا مجال لحصره في
هذا المقام ولكن يجدر بنا الإشارة هنا إلى أنبعض العلماء منعوا استخدام الآيات القرآنية للتمثيل كالرازي
و الزركشي حيث قالوا بأن القرآن الكريم لم ينزل ليتمثل به بل ليتدبر فيه ونعمل بأحكامه, فيما أجازه آخرون شرط
أن يكون في مقام الجدّ, لا في الهزل والمزاح

خصائص ومزايا أمثال القرآن:
* دقة التصريح وإبراز العناصر المهمة, كقوله تعالى في الكفار الذين لم يستجيبوا لدعوة رسول الله صلى
الله عليه وسلم:(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)
سورة البقرة, آية 171
*التصوير المتحرك الحيّ الناطق, كقوله تعالى في أعمال الكفار: (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ
اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ البَعِيدُ)سورة ابراهيم,
آية 18
* صدق المماثلة بين الممثل و الممثل له, كقوله عز وجلّ: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُم
مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ
حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)سورة آل عمران, الآيتان 116-117
* ايجاز في المثل مما يزيد في بلاغته ورقيه في مخاطبة السامع وهذه من صور بلاغة القرآن التي لا حصر لها,
ومنهاقوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ
عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ) سورة النور, آية 39

الحكمة من ضرب الأمثال:
* الأمثال تذكر الناس, يقول تعالى: (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الحشر, آية 21
وهي تسهل وصول الفكرة لعامة الناس مهما كان علمهم ولذلك قال تعالى الناس و لم يخص بها احداً بعينه,
فالمثل يفهمه الكبير والصغير والعالم والأميّ, فيالها من رحمة أوسعها الله علينا وتفضل كي نكون أقدر على
فهم بيان كتابه العزيز عظم من كتاب.*وبإيضاح الأمثال للحق فهي تهدي أقواماً و يضل بها أقوام آخرون, كما
في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن
رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهَُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ)
سورة البقرة, آية 26

* الترغيب والترهيب,
ففي الترغيب قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ
مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) سورة البقرة, آية 261وفي الترهيب قوله عزمن قائل:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ
الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)سورة النحل,آية 112
المدح والتنفير
ففي المدح قوله جلّ من قائل: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا
فِي السَّمَاءِ)سورة ابراهيم, آية24 و في التنفير قول ربّ العزة: (وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن
يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) سورةالحجرات,آية 12
كلمات قرأتها لكن من عالم المثل قرآني:
يقول المفكر سيد قطب قي ظلال القرآن:فالله رب الصغير والكبير، وخالق البعوضة والفيل، والمعجزة في
البعوضة هي ذاتها المعجزة في الفيل‏.‏ إنها معجزة الحياة‏.‏ معجزة السر المغلق الذي لا يعلمه إلا الله‏.‏‏.‏ على
أن العبرة في المثل ليست في الحجموالشكل ، إنما الأمثال أدوات للتنوير والتبصير‏.‏ وليس في ضرب الأمثال
ما يعاب وما من شأنه الاستحياء من ذكره.يقول الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله: سبحان الله، في النفس‏:
‏ كِبر إبليس وحسد قابيل وعتو عاد وطغيان ثمود وجرأة نمرود واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة‏ هامان
وهوى بلعام‏ وحيل أصحاب السبت، وتمرد الوليد، وجهل أبي جهل‏.‏ وفيها من أخلاق البهائم‏:‏ حرص الغراب،
وشره الكلب، ورعونة الطاووس، ودناءة الجعل، وعقوق الضب، وحقد الجمل، ووثوب الفهد، وصولة الأسد،
وفسوق الفأرة، وخبث الحية، وعبث القرد، وجمع النملة، ومكر الثعلب، وخفة الفراش، ونوم الضبع‏.‏ غير أن
الرياضة والمجاهدة تذهب ذلك‏.يقول ابن عبد ربه في القعد الفريد: الأمثال التي هي وشي الكلام وجوهر اللفظ
وحلى المعاني والتي تخيرتها العرب وقدمتها العجم ونطق بها في ‏كل زمان وعلى كل لسان فهي أبقى من الشعر
وأشرف من الخطابة لم يسر شيء مسيرها ولا عم عمومها حتى قيل‏:‏أسير من مثل‏.
أتمنى من الله أن أكون قد وفقت في هذا الموضوع و آمل أن ينفعني و ينفعكن به أخواتي.
مسلمة وافتخر



مصادر الموضوع..
دراسات في علوم القرآن الكريم للرومي.أنوار البيان للشنقيطي.
كتاب المدهش لابن الجوزي.

ظلال القرآن لسيد قطب.
اللطائف لابن القيم.
العقد الفريد لابن عبد ربه.














</b>



 
 توقيع : سمارة







رد مع اقتباس