عرض مشاركة واحدة
[/TABLE1]

قديم 05-01-2012, 03:54 PM   #1


الصورة الرمزية سعودي ودقولي التحية
سعودي ودقولي التحية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1636
 تاريخ التسجيل :  Oct 2011
 أخر زيارة : 09-16-2012 (03:25 PM)
 المشاركات : 12,032 [ + ]
 التقييم :  125
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي ترتيب آيات القرآن وسوره



[TABLE1="width:85%;background-color:black;border:4px inset orange;"]


مناسبات بين الآيات والسور
فوائدها .. وأنواعها.. وموقف العلماء منها
د. سامي عطا حسن
نزل القرآن منجما في ثلاثة وعشرين عاما تقريبا ، وكان نزوله ملائما للوقائع والأحوال التي مرت فيها الدعوة الاسلامية ، ومراعيا ما يتطلبه الزمن الذي نزل فيه . لذا يختلف ترتيب القرآن الكريم في النزول ، عن ترتيبه في المصحف اختلافا كبيرا ، ومنشأ هذا الاختلاف هو اختلاف الهدف المقصود من كلا الترتيبين .( فهو في تريبه النزولي منهج لتأسيس دعوة ، وأسلوب إقناع بعقيدة ، وطريقة تبشير وإنذار ، ودحض كامل لمنطق الإلحاد المريض ، وهو في ترتيبه المصحفي أسلوب حياة ، وبناء حضارة ، ودستور للعالم كله ، محيط بكل صغيرة وكبيرة من حاجاته ومطالبه ، أحكم ترتيبه من هذه الوجهة ، ليكون هداية للمؤمنين .)1. ثم إن التسلسل الزماني وإن ضم موضوعات متقاربة أحيانا ، فإنه كثيرا ما يحمل ما اختلف من الموضوعات التي يصعب أن يربطها ناظم ، لذا راعى القرآن في تسلسل نصوصه أن يقارب بين أفرادها ، فحصل فيه التناسب من أصغر وحداته إلى أكبرها . ولو أنه جمع ورتب على حسب ترتيب نزوله ، ( لفهم بعض الناس أن آياته خاصة بحوادثها ، أو أنه حلول وقتية للمشكلات التي كانت على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم - فحسب ، والله تعالى يريد كتابه عاما خالدا لا يختص بعصر دون عصر ، ولا بقوم دون قوم ، لذلك اقتضت الحكمة أن يرتب ترتيبا يحقق هذا العموم ، وهذاالخلود ، ويبتعد عن الترتيب الزمني الذي نزل به ، لحكمة كانت مناسبة حين نزوله ).2
فالقرآن كان معنيا بتأسيس دين جديد ، بين قوم لا يدينون بالدين الحق ، وآية ذلك أن الفترة المكية على طولها ، كانت الدعوة فيها متجهة إلى بناء العقيدة ، وترسيخها في أعماق الوجدان ، وما ذاك إلا لأنها هي قوة الدفع للإنسان المؤمن ، نحو الطاعة المطلقة لله – عز وجل – ، في الأمر والنهي . وهذا التفريق في النزول ، يدل دلالة واضحة على أن القرآن الكريم كلام الله العزبز الحكيم ، وليس كلام بشر على الإطلاق ، وأن عقلا بشريا مهما أوتي من القوة والحفظ والإحكام ، لا يستطيع أن يذكر موضع فقرة من كلام سابق مضى عليه سنوات ، فيضعها في مكانها، بحيث تلتحم وتتواءم مع سابقاتها ، ولاحقاتهافي اللفظ ، والمعنى ، والسياق ، ولا يتأتى ذلك لو لم يكن ترتيب السور توقيفيا ، كما هو الحال في ترتيب الآيات
المبحث الأول : تعريف الآية ، وآراء العلماء في ترتيب الآيات :
أ - تعريف الآية لغة واصطلاحا : تطلق الآية في اللغة على معان متعددة منها : ( المعجزة ، والعلامة ، والعبرة ، والأمر العجيب ، والجماعة ، والدليل)3 .
وأما حد الآية القرآنية في الإصطلاح أوفي عرف القرآن : ( فهو قرآن مركب من جمل ولو تقديرا ، ذو مبدأ ومقطع مندرج في سورة .) 4 .
ومن الواضح البين مناسبة المعنى اللغوي للمعنى الاصطلاحي للآية القرآنية ، فهي القرآن المعجز ، وهي علامة على صدق الآتي بها – صلى الله عليه وسلم - ، وفيها عبرة لمن أراد أن يعتبر ، وهي من الأمور العجيبة ، لسمو أسلوبها ومعناها ، وفيها معنى الجماعة ، لأنها مؤلفة من الحروف والكلمات ، وفيها معنى الدليل ، لأنها برهان على ما تضمنته من هداية وعلم .
ب - آراء العلماء في ترتيب الآيات :
ترتيب الآيات في سورها توقيفي ثابت بالوحي ، وبأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وكانت الآيات تتنزل عليه ، ويأمر كتاب الوحي بوضعها في مكانها من السور بتبليغ من جبريل - عليه السلام - . وقد ترادفت النصوص على كون ترتيب الآيات توقيفيا 5 ، ونقل الإجماع على ذلك غير واحد من العلماء منهم : الزركشي ، حيث قال : ( فأما الآيات في كل سورة ، ووضع البسملة في أوائلها ، فترتيبها توقيفي بلا شك ، ولا خلاف فيه . وقال مكي : ترتيب الآيات في السور ، ووضع البسملة في الأوائل ، هو من النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة ، تركت بلا بسملة . وقال القاضي أبو بكر الباقلاني :- ترتيب الآيات أمر واجب ، وحكم لازم ، فقد كان جبريل يقول : ضعوا آية كذا في موضع كذا .) 6
المبحث الثاني : تعريف السورة لغة واصطلاحا ، وآراء العلماء في ترتيبها .
أ - تعريف السورة لغة ، واصطلاحا :
اختلف العلماء في تحديد المعنى الذي اخذت منه السورة بمعناها القرآني، وأقرب الآراء إلى الصواب ، ( أن تكون السورة مأخوذة من سورة البناء ، أي القطعة منه ، فكما أن البناء يقوم سورة بعد سورة ، كذلك القرآن ، فالله عز وجل نزله على رسوله – صلى الله عليه وسلم – ، مفرقا في ثلاثة وعشرين عاما ، حتى اكتمل بناؤه ) 7
والسورة في الاصطلاح : ( طائفة من القرآن مستقلة ، تشمل على آي ذي فاتحة وخاتمة ، وأقلها ثلاث آيات . أو هي : الطائفة من القرآن المسماة باسم خاص ، بتوقيف من النبي – صلى الله عليه وسلم – ) 8
ب : - ترتيب السور القرآنية ، وآراء العلماء في ذلك :
إذا كان الإجماع قد تحقق حول ترتيب الآيات ، فهو لم يتحقق حول ترتيب سور القرآن على ما هي عليه في المصحف الآن ، واختلفت أقوال العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال هي :-
القول الأول :- إن ترتيب السور على ما هو عليه الآن في المصحف ،كان باجتهاد من الصحابة . وهو قول جمهور العلماء ، ومنهم الإمام مالك ، والقاضي أبو بكر بن الطيب في أحد قوليه ، ، ويستدلون على مذهبهم هذا بترتيب مصاحف بعض الصحابة ، على خلاف ترتيب مصحف عثمان – رضي الله عنه وأرضاه - ، كمصحف الإمام علي ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب ،- رضي الله عنهم أجمعين - 9
القول الثاني : - إن ترتيب السور كان بعضه بالتوقيف ، وبعضه الآخر باجتهاد من الصحابة . قال أبو الحسين أحمد بن فارس: ( جمع القرآن على ضربين : أحدهما : تأليف السور ، كتقديم السبع الطوال ، وتعقيبها بالمئين ،فهذا الضرب هو الذي تولاه الصحابة – رضوان الله عليهم - ، وأما الجمع الآخر : فضم الآي بعضها إلى بعض ، وتعقيب القصة بالقصة ، فذلك شيء تولاه رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ،كما أخبر به جبريل عن أمر ربه – عز وجل- ) 10.
ومال ابن عطية إلى هذا الرأي11.
وذهب البيهقي في المدخل 12، إلى أن القرآن كان على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – توقيفي إلا الأنفال ، وبراءة ، فإن ترتيبهما باجتهاد من عثمان – رضي الله عنه - ، ووافقه عليه الصحابة ، وقد استدل على استثناء هاتين السورتين بما أخرجه أحمد ، وغيره ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : ( قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني ، وإلىبراءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا بينهما سطر – بسم الله الرحمن الرحيم – ووضعتموها في السبع الطوال ..؟ ما حملكم على ذلك ..؟ قال عثمان : إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان مما يأتي عليه من الزمان ، ينزل عليه من السور ذوات العدد ، وكان إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده ويقول : ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وتنزل عليه الآية فيقول : ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة ، وبراءة من آخر القرآن ، فكانت قصتها شبيهة بقصتها ، فقبض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يبين لنا أنها منها ، وظننت أنها منها ، فمن أجل قرنت بينهما ، ولم أكتب بينهما سطر- بسم الله الرحمن الرحيم – ووضعتهما في السبع الطوال .) 13
وتابعه السيوطي على ذلك فقال : ( والذي ينشرح إليه الصدر ، ما ذهب إليه البيهقي ، وهو : أن كل السور توقيفية سوى الأنفال وبراءة ..) 14
القول الثالث : - وذهب إليه غير الجمهور : وهو أن ترتيب السور توقيفي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وأن الصحابة حينما خافوا ذهاب بعض القرآن باستشهاد حفظته ، جمعوه ، وكتبوه ، كما سمعوه من النبي – صلى الله عليه وسلم – ، ولم يقدموا أو يؤخروا شيئا ، واقتصر عملهم على جمع القرآن في موضع واحد ، دون التعرض لترتيب سوره ، إلا وفق ما سمعوه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، على هذا النسق والترتيب15
وروى الإمام القرطبي ، عن ابن وهب ، قال : ( سمعت سليمان بن بلال ،يقول : سمعت ربيعة يسأل : لم قدمت البقرة وآل عمران ، وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة ،وإنما نزلتا بالمدينة ..؟ فقال ربيعة : قد قدمتا ، وألف القرآن على علم مما ألفه .) 16
وبمثل ذلك قال أبو جعفر النحاس ، ومحمد بن حمزة بن نصر الكرماني . 17
والمختار من هذه الأقوال : أن تأليف السور على هذا الترتيب الذي عليه المصحف توقيفي ، لا مجال للاجتهاد فيه ، وذلك للأمور التالية :
1- إن استدلال أصحاب القول الأول باختلاف مصاحف الصحابة ، يمكن رده : بأن مصحف عثمان – رضي الله عنه وأرضاه – لو كان اجتهاديا لما وافقوه على ذلك ، لأنه ليس لمجتهد أن يقلد مجتهدا آخر ، كما هو مقرر عند الأصوليين . ثم إن مصاحف الصحابة كانت خاصة بهم ، جمعت إلى القرآن بعض مسائل العلم ، وبعض المأثورات ، فهي إلى كتب العلم أقرب منها إلى المصاحف المجردة ، ومن هنا وجدنا الذين استنسخوا المصاحف العثمانية ، لم يعتمدوا عليها ، بل اعتمدوا على جمع أبي بكر ، الذي اعتمد على ما جمع بين يدي النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ومن هنا فقد عدلوا جميعا عن هذه المصاحف ، وساروا على ما سار عليه الصحابة جميعا ، ووافقوا على مصاحف عثمان ، وما فيها من لفظ وترتيب ، وترك ما سواها ، فلو كان الترتيب بالاجتهاد لظلوا على اجتهادهم ، وبهذا ظهر بطلان هذا القول ، ويؤكد الألوسي ذلك بقوله : ( وبالجملة بعد إجماع الأمة على هذا المصحف ، لا ينبغي أن يصاخ إلى آحاد الأخبار ، ولا يشرأب إلى تطلع غرائب الآثار ) 18
أما ما ذهب إليه البيهقي ، والسيوطي ، بأن ترتيب السور توقيفي ، باستثناء سورتي الأنفال ، وبراءة ، فيرد عليه من وجهين : -
أولا : - إن هذا الحديث غير صحيح ، لقول الترمذي فيه : (حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي،عن ابن عباس، ويزيد هذا مجهول الحال ) 19
وقال الذهبي : ( عوف الأعرابي : قيل : كان يتشيع ، وقد وثقه جماعة ، وجرحه جماعة ، وكان داود بن أبي هند يضربه ويقول : ويلك ياقدري .وقال بندار : والله لقد كان عوف قدريا ، رافضيا ، شيطانا .
وأما يزيد فقد اختلفوا فيه ، هل هو ابن هرمز أو غيره ..؟ وقد ذكره البخاري في كتاب الضعفاء ، باسم : يزيد الفارسي ، لاشتباهه فيه ، وحيث أنه قد انفرد بهذا الحديث ، فلا يحتج به في شأن القرآن ، الذي يطلب فيه التواتر
وقال الذهبي : - قال فيه النسائي وغيره : متروك ، وقال الدارقطني ، وغيره : ضعيف ، وقال أحمد : كان منكر الحديث ..
فإذا كان الحديث بهذه المكانة من الضعف ، ولم يرتضيه إلا القليل الذين قوموه ، ولم يخرجوه عن أقل درجات القبول ، فكيف نقبله وأمر القرآن الذي هو في أعلى درجات القمة نقلا ، ونظما ، وترتيبا ..؟ ) 20
وثانيا :- على فرض صحة هذه الرواية ، [ فقوله في الحديث : ( إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان مما يأتي عليه من الزمان ) يدل في الجملة على التوقيف .
وقوله : ( فقبض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يبين لنا أنها منها ) بعيد ، إذ الأنفال نزلت في السنة الثانية عقب غزوة بدر ، والتوبة نزلت في أواخر السنة التاسعة بعد غزوة تبوك ، وبعد خروج أبي بكر للحج على رأس المسلمين ، فكيف يعقل أن يظل الرسول – صلى الله عليه وسلم – زهاء خمسة عشر شهرا ولا يبين للناس أنها منها ، أو من غيرها ..؟ إنه يكون بذلك قد تأخر عن البيان وقت الحاجة إليه ، بل انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل البيان ، وحاشاه – صلى الله عليه وسلم –أن يفعل ذلك ، مع ورود الأحاديث الصحاح بأنه كان يعرض القرآن كله في رمضان من كل عام على حبريل ، وعرضه في العام الذي توفي فيه مرتين ، وحينئذ فأين كان يضع هاتين السورتين في قراءته حينما كان يعرضهما على حبريل ..؟ ] 21
ثم ( إن إطلاق الاسم على كل منهما ، واختلافه فيهما ، مما يعين أن هذه غير تلك ، وقد سمى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كلا منهما ) 22
أما قوله ( فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر : بسم الله الرحمن الرحيم ) فإن البسملة لا تخضع لهوى الكتاب إثباتا وحذفا ، أخرج أبو داود والحاكم ، وصححاه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : [ ( كان النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يعلم ختم السورة حتى ينزل : بسم الله الرحمن الرحيم ) .وفي رواية : ( فإذا نزلت :بسم الله الرحمن الرحيم ، علم أن السورة قد انقضت ) . قال الحافظ أبو شامة : هذا حديث حسن .] 23
وأما ما قاله المفسرون في أسباب عدم ذكر البسملة في أول سورة براءة ، فهو التماس للحكمة ، ومن ذلك ما ذكره ابن عربي ، عن سر حذف البسملة من بداية سورة التوبة ، حيث يقول : ( وأما سورة التوبة عند من لم يجعلها من سورة الأنفال ، فيجعل لها اسم التوبة ، وهي الرجعة الإلهية على العباد بالرحمة ، والعطف ، فقام اسم التوبة مقام البسملة ، فإن الرجعة على عباده تعالى لا تكون إلا بالرحمة ..والله أعلم ) 24
هذا وقد قام الإجماع على أن سورة الأنفال سورة برأسها غير سورة التوبة ، ولذا قال الزركشي : ( إن سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة بإجماع أهل الحل والعقد ) 25
فالقرآن الكريم كله آية آية ، وسورة سورة ، مرتب من الله تعالى ، وقد بلغه عنه رسوله الأمين – صلى الله عليه وسلم – ، لصحابته الكرام ، فرتبوه كما سمعوه .
2- إن هناك سورا متحدة في المطلع رتبت ولاء ، كالحواميم و الطواسين ، ولم ترتب المسبحات تباعا ،بل فصل بينهما بالمجادلة ،والممتحنة ،والمنافقون ، وأفردت الاسراء في النصف الأول ، وفصل بين الشعراء والقصص ، وهما يبدءان ب(طسم )، و ب (طس النمل )مع أنها أقصر منهما ، ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء ، وأخرت ( طس) عن القصص ، أما وأنه قد حصل الفصل بين المتماثلات والمتقاربات من السور ، مع عدم مراعاة التناسب في الطول والقصر ، فهذا يدل على أن الترتيب توقيفي26
3- إن الذي قام بمهمة النسخ للمصاحف، مع النفر القرشيين في عهد عثمان – رضي الله عنه وأرضاه - ، هو زيد بن ثابت ، وهو نفسه أشرف على جمع القرآن في الصحف التي نسخت منها المصاحف ، على عهد أبي بكر – رضي الله عنه - ، وهو كذلك أحد كتاب الوحي ، وشهد العرضة الأخيرة للقرآن ، وسمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقرأ القرآن على هذا الترتيب ، وإلا على أي ترتيب كان الرسول – صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن ..؟
وقد جعل ابن الزبير الغرناطي هذا الخلاف بين العلماء لفظيا ، فقال : ( إن كان بتوقيف منه
– صلى الله عليه وسلم – فلا مجال للخصم ، وإن كان مما فوض فيه الأمر إلى الأمة بعده ، فقد أعمل الكل من الصحابة جهده ، وهم الأعلياء بعلمه ، والمسلم لهم في وعيه وفهمه .) 27
وإذا كانت العلماء قد تباينت آراؤهم ظاهريا ، فإن الرأي الراجح أن ترتيبها كان توقيفيا ، وذلك لتظافر النصوص على أن الأغلب من سور القرآن معلومة الترتيب وقت نزول الوحي ، وأن جبريل – عليه السلام – كان يعرضه على النبي - صلى الله عليه وسلم - في العام مرة ، وعرضه عليه في العام الذي قبض فيه مرتين .
كما ( أن هذا الترتيب يقوي الوحدة المعنوية بين سور الكتاب المبين ، ويقطع الطريق أمام المشككين والطاعنين . أضف إلى ذلك : إجماع الأمة بدءا من عصر الصحابة على هذا الترتيب ، فصار الإلتزام به أمر لا بد منه ). 28
وقد زعم بعض المستشرقين أن القرآن لم يكن مرتبا ، وأنه كان مختلطا في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، وقد رتبه أبو بكر – رضي الله عنه - ، لذا استحلوا لأنفسهم أن يجعلوا له ترتيبا خاصا ، يختلف عن ترتيب المصحف الحالي في كثير من السور ، معتمدين على الأسلوب ، ومحتويات السورة . والذي ينظر فيما حاوله المستشرقون بترتيبهم غير المسبوق ، يجده عبثا لا يليق بقدسية القرآن الكريم .وقد ظهرت أصوات متأثرة بالدراسات الإستشراقية ، تنادي بإعادة ترتيب سور القرآن حسب نزولها ، ثم أخفت الله هذه الأصوات ، واطمأن المسلمون على ما أجمع عليه الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين - . 29
 
 توقيع : سعودي ودقولي التحية




التعديل الأخير تم بواسطة سعودي ودقولي التحية ; 05-06-2012 الساعة 07:20 AM

رد مع اقتباس