عرض مشاركة واحدة
قديم 05-13-2012, 06:59 PM   #1


الصورة الرمزية سمارة
سمارة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1837
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 09-13-2012 (10:11 PM)
 المشاركات : 6,134 [ + ]
 التقييم :  106
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي أيها الحائر المستسلم ... إِقْرأ وَربُّكَ الأَكْرَمُ




أيها الحائر المستسلم ... إِقْرأ وَربُّكَ الأَكْرَمُ


الحمد لله رب العالمين رب الأرض والسماوات ، جعل العلم سبيلا لرقي الأمم وسمو الحضارات ، وحثنا على السعي فيه ببذل الطاقات والقدرات ، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك في الأسماء والصفات ، . وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، أرشد الانسانية إلى منهج الحياة السوية ودعا للتعلم ونبذ الأمية صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وعلى كل من اهتدى بهديه واقتفى اثره الى يوم الدين...

اللهم اقذف في قلوبنا أنوار العلم وزينا بضياء الفهم ونزهنا من أوحال الجهل وظلمات الوهم ، وانفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما.


في هذه الأيام يقبل أبناؤنا وإخوتنا على امتحانات آخر السنة معتمدين على الله تعالى ، متشجعين بفضله ونصره ، متسلحين بالعلم والمعرفة وهم يحملون الآمال العظيمة والأحلام الكبيرة للوصول إلى مرموق المكانة وأعز المنازل بين أقرانهم وفي أمتهم في هذه الدنيا وفي الآخرة.


فيمرون على صراط الدنيا الذي تمتحن فيه المدارك والطاقات ولا يجوزه إلا من ثبته الله وأعانه وجعل التوفيق نصيبه والنجاح حليفه ، وكم من مجتهد فيه فاز والربح نال وحاز ، وآخر جنى خيبة وحسرة رغم كل الاستعداد . فهذه بعض النصائح لإخواننا المقبلين على الامتحانات عسى الله أن ينفعهم بها ...


كثير من الطلاب من يأخذ بالأسباب فيستعد جيدا من أول العام ، ومساعدة من كل المحيط من والدين ومدرسين وأصحاب واسرة وغيرهم ... والتنظيم للمراجعة وغيرها ، ومن النوم الجيد ، والرياضة والاسترخاء وحركات تصفية الذهن ، والاستعداد بمعرفة أسباب النجاح وكيفية التعامل مع الامتحان واسئلته واحراز هذه الفنون ... ولكنه لا يوفق للنجاح ؛ لأنه أهمل أهم عامل وأكثره تأثيرا على نجاحه ... إنه الجانب النفسي الذي أقصى الكثير من الطلاب وكانت نسبته في التأثير السلبي كبيرة جدا . فمن كان مستعد نفسيا كان إلى النجاح أقرب .

ومن أدرك هذه الحقيقة تراه يسعى بكل السبل للتحضير النفسي ، وقد يصرف أمواله وأوقاته عند طبيب نفساني وقد يخسر دينه بتصرفات لا ترضي الله عز وجل من الاستعانة بالمشعوذين والرقاة المزيفين وغير ذلك ... مع أن الأمر جعله الله يسيرا وميسرا بهذه المعادلة التي ادعوك لحفظها اخي المؤمن : ثقة بالله == > ثقة بالنفس == > شجاعة وإقدام ورزانة واقتحام == > نجاح بإذن الملك العلام.


الطالب مثل المريض ... يجيء المريض يعمل العملية وهو قلق خائف نادراً منهم المطمئن النفس ، المتكل على الله، الواثق بالله ، ترى الطالب يقبل على الامتحان في قلق وتوتُّر ورهبة يعاني انهزامية ويكثر الوقوع في العجلة وهي في الحقيقة هروب مما لا يطيق الصبر عليه ، وتهرب من هذا الغول الذي يخيفه فيلقي ورقة الاجابة بسرعة وفي عجلة ولا يتريث ولا يدقق ، لماذا ... لأنه لا يثق بنفسه ولا يثق بربه ...

إن الثقة بالنفس تأتي من فرط الثقة بالله العظيم ، والمؤمن لا يحتاج إلى من يعلمه الثقة بنفسه لأنه يثق بالله ربه ومن هذه الثقة يقتبس ثقته بنفسه ، وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يقف موقفا عجيبا لا يقبله عقل بسهولة لأنه متعلق بالثقة بالله كما حدث في غزوة الحديبية يخرج وأصحابه بصدور عارية ليقابلوا أعتى اعدائهم وأغدرهم فيقول بأبي وأمي هو : إنه ربي و لن يضيّعني . هكذا الثقة بالله وإلا فلا . هذه الثقة التي نلمسها في غار ثور إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ، ونجدها في قول أمنا هاجر عليها السلام بعد أن تركها زوجها إبراهيم عليه السلام في العراء في أرض قاحلة لا زاد ولا أنيس فسألته أهو أمر أمرك الله فلما أشار إليها أن نعم قالت بملء فيها ( إذن لا يضيعنا ) كذلك أنت لو وثقت به وأحسنت الظن به تعالى.

تلك الثقة التي نجدها عند أم موسى وهي تلقي بفلذة كبدها في اليم فتألمت لفراقه وهذه الفطرة ولكنها كانت واثقة بالله بأنه سيحفظه ويرده إليها لذلك أرسلت أخته لتعلم أين وصل حتى تأخذ بالأسباب ليرجع فهي متحققة أنه سيرجع.

هي الثقة التي نجدها عند يوسف عليه السلام وهو يهوي في الجب ويدخل السجن ، وهي الثقة التي نجدها عند إبراهيم عليه السلام وهو يلقى في النار بأن الله سينجيه منها فجعله حسيبه ووكيله فكفاه ونجاه.

وهي التي نجدها عند كل مؤمن صابر ومقدم على الخير ومقتحم للعقبات والابتلاءات والامتحانات في هذه الدنيا ...


طبعا الشيطان يخوفك بالرسوب والفشل وردة فعل الوالدين والأصدقاء والناس مما يزيدك رعبا وهيبة ... فاهتم كيف يراك الله وكيف ترى نفسك ، لا يهمك ذلك كله ما دمت في رضا الله وقد اختار الله لك ولا تنس ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) فالخير فيما اختاره الله لا فيما اخترته أنت أو اختاره فلان أو فلان.

كم من سالك لسبيل يجد نفسه قد أُقْحِم في سبيل غيرها ، إنه القدر المقدور في اللوح المحفوظ ... وكم نعرف ممن درس وتعلم حرفا كثيرة واختار تخصصات محببة ثم نجده يعمل طول حياته في حرفة غير تلك الحرف وفي مجال غير ما تخصص ، فاعلم أن الله جعل لك مستقبلا أعظم وأحسن مما تفكر فيه وقد تنجح في الامتحان وقد ترسب لحكمة يعلمها الله ولطريق اختاره الله لك فثق بالله وارض بما قسم لك واستعد وخذ بالأسباب واتركها على الله ... اتركها على الله يا مؤمن.


قد تهتم لمسألة المستقبل والرزق والمنصب والعمل والحلم الذي حلمته وغيرها ... حتى يصبح الشبح المخيف هو رسوبك ، وكأنك بذلك قطعت رزقك ! أو خابت تجارتك ! ... فلتكن ثقتك بالله عظيمة ، ولتعلم أمرًا هو صريح الإيمان وأساس تحقيق الربوبية لله ، إنه اليقين برزق الله لك والرضا بما قسم وقدر لك وإلا فأنت على خطر عظيم ، وكثير منا عليه أن يراجع إيمانه من جديد في هذه المسألة ؛ وإليك هذه القصة فاعتبر منها : قال ابن جرير الطبري -رحمه الله: "يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه: فوربّ السماء والأرض، إن الذي قلت لكم أيها الناس: إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ، كما حقّ أنكم تنطقون"[جامع البيان في تأويل القرآن (22/422)].
وقد روي عن الأصمعي أنه قال: أقبلت من جامع البصرة، فطلع أعرابي على قعود (مركب) له، فقال: ممن الرجل؟ قلت: من بني أصمع، قال: من أين أقبلت؟ قلت: من موضع يتلى فيه كلام الرحمن، فقال: اتل علي، فتلوت: {وَالذَّارِيَاتِ}، فلما بلغت قوله تعالى: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ} قال: حسبك، فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر، وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى، فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت رقيق فالتفت، فإذا أنا بالأعرابي قد نحل واصفر، فسلم علي واستقرأ السورة، فلما بلغت الآية صاح، وقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، ثم قال: وهل غير هذا؟ فقرأت: {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ}[الذاريات(23)]، فصاح وقال: يا سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف، لم يصدقوه بقوله حتى ألجئوه إلى اليمين، قائلا ثلاثا، وخرجت معها نفسه\"[أضواء البيان(7/441) للشنقيطي].
وفي الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله)[رواه ابن حبان في صحيحه(3238)، وابن أبي عاصم في السنة(264)، وقال الألباني: \"صحيح لغيره\" كما في صحيح الترغيب والترهيب(1703)]، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لو فر أحدكم من رزقه أدركه كما يدركه الموت)[رواه الطبراني في الأوسط(4444) والصغير(611) بإسناد حسن، وقال الألباني: \"حسن لغيره\" كما في صحيح الترغيب والترهيب(1704)].


فلا تفكير في الأمر ولا خشية بعد هذا اليقين . لأن الأمر كله لله ، لأنه إلى الله ترجع كل الأمور و ليس إلى غيره.


ولنكن عمليين ... ففي بعض الأحيان يحتاج الطالب إلى توفيق الله كثيرا ويعتمد عليه وحده ، حيث يكون هناك تردد بين إجابتين او اختيارين فلا يجد أمامه ترجيحا أو شيئا سوى توفيق الله في اختياره، فمن يوفقه ... الله ... اذن لتكن ثقتك بالله كبيرة في الأمر كله من أله إلى آخره .


وتعالى معنا نتعرف على بعض معاني الثقة بالله ... قال شقيق البلخي -رحمه الله-: "وتفسير الثقة بالله أن لا تسعى في طمع، ولا تتكلم في طمع، ولا ترجو دون الله سواه، ولا تخاف دون الله سواه، ولا تخشى من شيء سواه، ولا يحرك من جوارحه شيئا دون الله، يعني في طاعته واجتناب معصيته\"[حلية الأولياء(8/61)].

قيل لأبي حازم رحمه الله : يا أبا حازم ما مالك؟ قال: "ثقتي بالله تعالى، وإياسي مما في أيدي الناس"[حلية الأولياء(3/231)].

قال أبو العالية: "إن الله -تعالى- قضى على نفسه أن من آمن به هداه، وتصديق ذلك في كتاب الله: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}[التغابن(11)]، ومن توكل عليه كفاه، وتصديق ذلك في كتاب الله: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق(3)]، ومن أقرضه جازاه، وتصديق ذلك في كتاب الله: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً}[البقرة(245)]، ومن استجار من عذابه أجاره، وتصديق ذلك في كتاب الله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا}[آل عمران(103)]، والاعتصام الثقة بالله، ومن دعاه أجابه، وتصديق ذلك في كتاب الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[حلية الأولياء(2/221- 222)][البقرة(186)]، فكون واثقا بالله، متوكلا عليه، معتصما به.

فكن واثقا بالله محسنا الظن به ، موقنا بأن كل الأمور تصرفها بين يديه فسترتاح من كل وسواس وخوف وقلق وانهزام ، وتصبح موقنا عازما في اصرار وانشراح بحول الله واقدام.

حافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها، واسأل الله العون والتوفيق ، وستجده بإذن الله تعالى .


اللهم وفق أبناءنا وبناتنا في امتحاناتهم ، اللهم يسر لهم كل عسير ، وافتح لهم كل مغلق .. لا سهل إلا ما جعلته سهلاً ، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً.









 
 توقيع : سمارة







رد مع اقتباس