أبا علي : سلمت يداك ، ولا كان من يشناك ،
في الحقيقة إن الذي يقرأ أشعار مثل هؤلاء الشعراء الأفذاذ ، لا يملك إلا أن يرمي بذاكرته إلى أعماق الماضي السحيق ، ويستعرض في تلك الأبيات والقصائد ، ماض عريضاً ، ومجداً عريقاً ، لقبيلة آل شراحيل ، التي أفرزت هؤلاء الشعراء الفحول الذين لا يشق لهم غبار في الشعر ، ولا يملك الواحد منا إلا يتجرع الغصص عندما يعلم أنهم قد رحلوا عنا وكأنما انطفأت مصابيح طالما أضاءت لنا دروب المجد ، ونافحوا عن قبيلتهم بشعرهم الجزل قوي المعاني كما ينافح الأسد عن عرينه .

الشاعر يحيى بن جابر - رحمه الله تعالى - لم يكن شاعراً فحسب ، بل كان بمثابة القائد الفذ الذي يحسب له ألف حساب . وقبيلة بلا شاعر كالكتيبة بلا قائد ، فقد كان قائد القبيلة والمنافح عنها .
ولكنه لم يرحل ويترك القبيلة دون خليفة فقد اطمئن عليها بنجله ، وخليفته وحامل لوائه ( جمعان ) خير خلف لخير سلف . ولكنيي أعتقد أن العصر الذي عاش فيه الشاعر يحيى جابر كان مليء بالمناسبات والمؤثرات التي جعلت منه شاعراً بارعاً ، أجاد وتمكن من معالجة جميع القضايا وإدارة الأزمات بشعره وحنكته ، بينما نجله ( جمعان ) وعلى ما أعتقد أنه لم يجد في هذا العصر ما يستحق أن يسبك شعره فيه ولا ما يعصر فكره من أجله ، فهو لا زال يعض على معان ومواهب أعتقد أنها تحتدم ووتصارع في فكره وعقله ، وهو يبحث عن متنفساً خليقاً بها وجديراً بشعره ... ولكن أقول له : لا تيأس ياشاعرنا الشاب فحتماً سيكون لك ميادين تصول وتجول فيها دون منافس .

أبا علي :
أتمنى أن تواصل في تدوين أشعار هؤلاء الأفذاذ في هذا المنتدى ، وكذلك لا تنسى أن تحتفظ بها لديك ، ثم تجمعها لهم لتكون دواوين لهم تؤجر عليها ولم يسبقك أحد .

كما أتمنى أن تهتم بشعر الأخ ترابي أسعد . ذلك الشاعر العاطفي صاحب المعاني الجزلة والعاطفة الصادقة ، النابعة من أعماقه وكأنما هي نار تأكل بعضها من حرارتها ، وتدك العواطف بقوتها ، وتروي العطش بجزالتها .
فأنا من الذين يحبون شعره ويستمتعون به ، لما فيه من صدق عاطفة وجزالة في معانيه وسهولة في أسلوبه ووضوح في معانيه . وكذلك فصاحته وبلاغته ، فهو أقرب للفصحى منه إلى العامية ، بل أجزم بأنه لغة فصحى بنسبة 99% فلله دره من شاعر .
فـ(الشاعر ) ترابي نزل ميدان لم يستطع أحد أن ينافسه فيه ولا يجاريه ، بليغ في الوصف ، وصادق في لغة الغزل فهذان موضوعان كثيراً ما اعتمد عليهما ونهجهما وشعره يدور حولهما ، فهو في الحقيقة بارع . يتمتع بإحساس مرهف وعاطفة جياشة ولسان بليغ .

أبا علي : أنا في انتظار ما تنزله من أشعار ذلك الشاعر المخضرم .
ودام قلمك .
( أخوك ) .