عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-2012, 12:40 AM   #1
مطلع الشمس .


الصورة الرمزية رجل وادي القمر
رجل وادي القمر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1935
 تاريخ التسجيل :  Oct 2009
 أخر زيارة : 03-22-2021 (08:07 PM)
 المشاركات : 1,187 [ + ]
 التقييم :  202
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي أخبرني ليل تمشى في جانبيه نهار .





لست نداً للحزن ، بل أنا رفيقه ، بل هو رفيقي . جليسه وجليسي ، أناجي الغائبين من خلف جداره . وأتحدث إلى الأحبة من فوق أسواره ، وبيننا حجب من ضباب الأيام الغابرة .. العتيقة .. العتيدة .. العنيدة .. تمضي دون التفات ، وتركض دون إصغاء ، لا تلوي على الماضي ، ولا تكترث للحاضر ، ولا تهاب المستقبل .

عددتها على أصابعي الخمس ، ثم العشر ثم العشرين ، حتى لم أعد أجد أصابعاً أعد عليها ، فأشرت إلى الأشجار همساً أرصدها على قارعة الزمن السحيق ، حتى طال العد وتزاحمت الأرقام ، فأسقط في يدي والتوى على جسدي حبل الألم ، واعتلى كاهلي حمل الملل ، فأعود لأقعد تحت أسوار الأيام أعيد العد وأبخسه حتى أعلل نفسي بوهم الأمل الطويل ، بل المستحيل .

رسمت على جداري الزمني الواقف بصمود ، يعتريه جمود ، وهدوء الوجوم ، كأنه في انتظار أمر جلل ، لطخته بمداد بما يثعب من أعماقي من نزيف الجراح الغائرة الحائرة في عرصات كياني الهزيل ، المتهادي ، فتشكلت من ذلك المداد كلمات كنت أصد عنها يوماً وأكتمها خشية منها ، متوهماً بأنني إن ذكرتها سأثيرها ، وأنها لن تثور طالما تركتها وشأنها ، ولم أكن أعلم أنها قد دونت في قاموس ايامي القادمة ، وانطوت وطوت معها صفحة الأمل البيضاء التي كنت أنظر إليها كل يوم بل كل لحظة ، فما زالت تتهادى أمام ناظري ، وتتلاشى وتدرس رسومها وتتبعثر الحروف على سطورها كأنما كانت رتقاً فانفتقت . واسودت في عيني وضاعت معالمها ، فوعيت على رماد تذروه الرياح من وسط راحتي فنفضت يدي فإذا بهما خاويتان . وتلاشى كل شيء وارتحل السامرون ، وانبلج نهار ، ثم أسدل الليل ستاره علي حتى أشرقت خيوط الصباح في وسط الليل ، وجانبي الناصية ، فأخبرني ( ليل تمشى في جانبيه نهار ) .


 
التعديل الأخير تم بواسطة رجل وادي القمر ; 10-06-2012 الساعة 12:41 AM

رد مع اقتباس