عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-2012, 03:36 PM   #1


الصورة الرمزية عاشقة المستحيل
عاشقة المستحيل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1539
 تاريخ التسجيل :  Aug 2011
 أخر زيارة : 01-03-2020 (02:26 AM)
 المشاركات : 24,430 [ + ]
 التقييم :  978
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الرحمن علم القرآن خلق الإنسان









«الرحمن علم القرآن خلق الإنسان» (2)



يتبادر إلى الذهن سؤال مفاده : لماذا قدم الله «علم القرآن» على «خلق الإنسان» ؟ مع أنه حسب تصورنا القاصر كان ينبغي أن يقول: الرحمن خلق الإنسان علمه القرآن.


والجواب هو أن الله قال : «الرحمن علم القرآن» وعلَّم في اللغة العربية تأخذ مفعولين ، فالمفعول الأول هو القرآن ، أما المفعول الثاني فغير موجود . والسؤال أيضاً لمن علمَ الرحمنُ القرآن ؟


الجواب أيضاً : لما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غار حراء قال له: «اقرأ» وكلمة اقرأ تحتاج إلى مفعولٍ به ، لكنه لم يذكر المفعول به فقد قال : «اقرأ باسم ربك الذي خلق» (1) . ما الذي سيقرؤه النبي ؟ أيضاً المفعول غير موجود ، ولكي نضع المفعولين في الآيتين فإننا نقول : الرحمن علم القرآنُ الإنسانَ ، فكلمة الإنسان محذوفة ، وفي آية اقرأ أيضاً : اقرأ أيها الإنسان القرآن . في سورة الرحمن القرآن موجود وحُذِفَ الإنسان ، أما في سورة اقرأ الإنسان موجود وحُذِفَ القرآن . إذاً : إما أن يوجد المفعولين ( الإنسان والقرآن ) مع بعضهما ، وإما أن يُحذَفا معاً لأنهما متلازمين ، فأنت من دون قرآن لا إنسان ، والقرآن يحتاج إلى إنسان من أجل أن يتزل عليه وأن يطبقه وأن يتحقق به ، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين وصفته السيدة عائشة بقولها: { كان خُلُقه القرآن } (2) .


إذن : الرحمن علمَ الإنسانُ القرآن قبل أن يخلق الإنسان الخَلق المادي ، وذلك عندما كان الإنسان في عِلمِ الله في عالم الذر ، في عالم «ألست بربكم» (3) ، طَبَعه بالقرآن ، والقرآن هو قواعد الفطرة ، فكل مولود يولد على الفطرة ، أي على قواعد القرآن ، على قواعد كلام الله عز وجل ، عَلَّمَ القرآنَ الإنسانَ قبل أن يوجده ، ثم خلق الإنسانَ مطبوعاً بالقرآن لأنه علمه القرآن قبل أن يوجده مادة ، الرحمن علم القرآنَ الإنسانَ في أصله قبل أن يوجد مادة ، ثم خلقه مطبوعاً بالقرآن الكريم ، مطبوعاً بالفطرة «فطرة الله التي فطر الناس عليها» (4)، مطبوعاً على قواعد الفطرة ، ثم علمه البيان ، أي زَوَّده بوسائل البيان ، بآلية البيان . فالإنسان يختلف عن غيره من المخلوقات بأنه مُزَوَّدٌ بآلية البيان ، فهو يستطيع أن يوضح ويتكلم ، وهذه الآلية هي من أجل أن تظهر القرآن الذي طبع فيك .


وفي المحصلة : الرحمن علم الإنسانَ القرآن قبل أن يوجده مادة ، ثم خلقه مطبوعاً بطابع القرآن وعلمه البيان ، حتى إذا ما تكلم الإنسان وبَيَّن ينبغي أن يكون بيانه صادراً عن القرآن الكريم ، فإذا كان بيانه صادراً عن غير القرآن الكريم فقد خالف الإنسان فطرته وطريقه.


الإنسان بين قرآن عُلِّمه ، وبين بَيان ، ويجب على الإنسان حال البيان أن يَصدُرَ عن القرآن ، فإذا صدر في حال بيانه عن غير القرآن فهو ليس بإنسان سوي ، ولذلك نقول لأرباب البيان أي أصحاب المبادئ والمعطيات والقوانين والآداب .... الخ .


الإنسان في بيانه لن يكون إنساناً إلا إذا صدر عن القرآن ، لأنه حينها يخالف قواعد الفطرة . فإذا صدرت في بيانك عن غير قواعد القرآن فقد صدرت عن غير الفطرة ، وبالتالي انطبق عليك حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم : { فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسانه } (5) إما أن يثبت على الفطرة ، وإما أن يتحول عنها .









 
 توقيع : عاشقة المستحيل



رد مع اقتباس