أسامة شطارة - بينما اتصفح حكم ومقولات الاديب جبران خليل جبران وقعت بين اعيني وعلقت في ذهني حكمته :
الوحدة عاصفة هوجاء صمَّاء تحطِّم جميع الأغصان اليابسة في شجرة حياتنا ولكنها تزيد جذورنا الحيِّة ثباتاً في القلب الحيِّ للأرض الحيَّ ...
هل من الممكن حقا ان تكون للوحدة مزايا او نتائج ايجابية ؟؟
كيف ذلك ونحن نعرف الوحدة بان تغدو بلا صديق ولا حبيب وكانك منعزل عن العالم كله تصارع فيه كل عقباته وحيدا بلا سند.



ولكن من قال بان الوحدة تعني ذلك فقط ؟؟
هل بكونك نجما اجتماعيا ولديك الكثير من العلاقات ، او ان تكون في مدرستك او جامعتك وتتوفر على كم جيد من الاصدقاء ، او ان تتعرف يوميا على زملاء عملك يعني انك لست وحيد ؟؟
لا ابدا ف الوحدة اعمق من ذلك بكثير ، ف الوحدة لا تقاس بعدد الاشخاص والاصدقاء والمعارف والاخوة والاقارب


ان تكون وحيدا يعني ان لا تجد من يشاركك اهتماماتك ، مشاعرك ، مشاكلك ، هوايتك ، المك ، حزنك ، دموعك ، عذابك ، مرضك ، فرحك ، ابتسامتك ، عواطفك..
ان تكون وحيدا يعني ان تقف على مشارف منطقة مطلة تستنشق الهواء العليل ويمتلكك احساس جارف او عاصفة هوجاء كما ذكر جبران بانك مجرد رقم في عالم يحتوي مليارات الارقام فيتولد لديك شعور بالانتقام ،، من من لا تعرف ابدا.


ان تكون وحيدا يعني ان ترى جميع من حولك مشغول بنفسه ومصلحته وحياته :
اصدقاء مع بعضهم ،، اب مع اسرته ، شاب مع خطيبته ، تاجر مع زبونه ، مصور مع الكاميرا الخاصة به ، بائع مع حلوياته الى ذلك من المشاهدات بينما ان تراقب الجميع تقف مكتوف الايدي بائس لا تجد لك مساحة وسط احد.




ولكن
هل جربت يوما ان تكون وحيدا من اصوات العمار ؟


صوت السيارات ، آلات المصانع ، التلفاز ، الاجهزة الخلوية ، اجهزة الحاسوب ؟


هل يشتاق او يتوق منكم احد الى هذه الوحدة ؟؟


يحتاج الانسان الى الوحدة بمفهومها الايجابي ، تحتاج الى ان تستمع الى صوت الطبيعة ، تحتاج الى ان تستطيع سماع ذلك الصوت النابع من ضميرك الذي يقودك الى التمييز بين الخير والشر ،
تحتاج الى ان تسمع صوت الاذان او اجراس الكنائس بكل صفاء وهدوء بدلاء من مرافقتها بصخب المدن بشوارعها ومحلاتها ومصانعها.


ان تكون وحيدا يعني ان تكتشف حقيقة عالمنا الارضي ، ان تتقرب اكثر من خالق الكون ، ان تغوص في اعماق نفسك اكثر مبتعدا عن كل مخلفات الحياة وملوثاتها.


اليوم لا يحتاج بيننا احد ان يبين الم الوحدة وقسوتها ... على العكس تماما نريد منها ان تزيد جذورنا الحيِّة ثباتاً في القلب الحيِّ للأرض الحيَّ تاركا لكم حرية الاختيار.