عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-2015, 03:54 PM   #1
مجلس الادارة


الصورة الرمزية ام ياسر
ام ياسر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1878
 تاريخ التسجيل :  Jun 2012
 أخر زيارة : 09-03-2020 (09:44 PM)
 المشاركات : 54,004 [ + ]
 التقييم :  637
 SMS ~
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي حِرْزِكَ وَحِفْظِكَ وَجِوَارِكَ وَتَحْتِ كَنَفِك.
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الحـــــــــــب أولآ



حين تعيد قراءة الأسماء الحسنى؛ ستجد مفاجأة بانتظارك !
ليس من بين هذه الأسماء المذكورة اسم تمحّض للأخذ والعقاب والعذاب .
فيها أسماء الرحمة والود واللطف ، وأسماء العلم والإحاطة ، وأسماء الْخَلْق والرزق والإحياء والإماتة والتدبير ، وأسماء القدرة والقوة ، وأسماء العلوّ والعظمة ، وأسماء الجمال والجلال والكمال ..
فيها : الرحمن ، الرحيم ، الغفور ، السلام ، الوهّاب ، الرزاق ، الفتاح ، اللطيف ، الجميل ، المجيب ، الودود ، الصمد ، البر ، العفو ، الرؤوف ، الغني ، النور ، الطيب ، المنان ، الجواد ، ذو الفضل ، .. إلخ
وليس فيها : المعذِّب ، المنتقم ، الآخذ ، الباطش ، وهل " شديد العقاب " اسم من الأسماء الحسنى ؟!
الأصح أنه ليس من الأسماء الحسنى بل هو وصف لعقابه ، بمنزلة قولنا " عقابه شديد " وبمنزلة قولنا " عذابه أليم " وهذه لا تكون في أسمائه الحسنى -عز وجل- ، وهذا الذي اختاره ابن تيمية وابن القيم وجمع من المحققين .


يقول -رحمه الله-: " وليس في أسمائه الحسنى إلا اسم يُمدح به ، ولهذا كانت كلها حسنى .. ".


ومثل ذلك قاله ابن القيم :
" إن أسماءه كلها حسنى ، ليس فيها اسم غير ذلك أصلاً .. وهذا يدل على أن أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها ، لأنه لو فعل الشر لاشتق له منه اسم ، ولم تكن أسماؤه كلها حسنى ، وهذا باطل ، فالشر ليس إليه .. ".
ويقول الدكتور : عمر الأشقر :

" لا يدخل في أسماء الله ما كان من صفات أفعاله ، أو صفات أسمائه ، مثل شديد العقاب ، وسريع العقاب ، وسريع الحساب ، وشديد المحال ، ورفيع الدرجات .. " .


وليس مما توجب أسماؤه الحسنى ألّا يزال معاقباً على الدوام ، أو غضبان على الدوام ، أو منتقماً على الدوام ، وتأمُّلُ هذا المعنى يفتح للنفس آفاقاً من الفقه في أسمائه وصفاته ، ويزيد معرفته ومحبته ، ولذا كان النبي يقول في دعائه كما في الصحيحين: " والشَّرُّ لَيسَ إليكَ " ومعناه على التحقيق : أن الشر لا يضاف إلى الله ، لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أسمائه ، فإنّ له الكمال المطلق من جميع الوجوه ، وصفاته كلها صفات كمال يُحمد عليها ، ويُثنى عليه بها ، وأفعاله كلها خير ورحمة وعدل وحكمة ، وأسماؤه كلها حسنى ، فكيف يُضاف الشر إليه ؟


هذا المعنى يتأكّد بدراسة الأسماء الحسنى كما دونها العلماء ، وهو يدل على أن الفقيه والداعية ينبغي أن يعرّف العباد بربهم؛ مقدماً أسماءه الكريمة الحسنى المشتملة على برّه وجوده ورحمته ولطفه وعفوه ومغفرته .
وأن هذا خير ما يسوق العباد إلى ربهم ، وهو شعور الحب الذي يُجمِع العلماء على أنه أفضل شعور وأنبل إحساس ، وأنه مُقدّم على الخوف وعلى الرجاء .


وليس من الوفاء لهذا الدرس العميق ، أن نقرره ، وأيدينا على قلوبنا ، ونحن ننتظر أن ينتهي التقرير لنسارع ونقول :نعم .. ولكن !
من حق المعاني العظيمة أن تُقرر بعيداً عن المخاوف ، وتأخذ حقها في النفوس ، وفي الدروس ، وفي الحياة العملية ، دون أن نُصاب بداء الثنائية والحدّية؛ الذي يجعلنا نظن أن تقرير هذا المعنى يفضي إلى إلغاء جانب الخوف أو الرهبة أو الوجل.
بل يقرر هذا في سياقه بأريحية تامّة ، ويقرر غيره بأريحية كذلك ، وهي معانٍ تتكامل وتتعاضد ولا تتعاند .
ولو أننا قهرنا أنفسنا على هذا؛ لأورثنا فقهاً أوسع ، وفتح لنا أبواباً من الخير ربما حرمناها بعجلتنا ، ورحمة الله تعالى خير لنا من أعمالنا ، فاللهمّ ارحمنا ولا تكلنا إلى أنفسنا .


 
 توقيع : ام ياسر




رد مع اقتباس