عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2014, 08:01 AM   #1
مجلس الادارة


الصورة الرمزية ام ياسر
ام ياسر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1878
 تاريخ التسجيل :  Jun 2012
 أخر زيارة : 09-03-2020 (09:44 PM)
 المشاركات : 54,004 [ + ]
 التقييم :  637
 SMS ~
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي حِرْزِكَ وَحِفْظِكَ وَجِوَارِكَ وَتَحْتِ كَنَفِك.
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون



بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير القرآن


كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون

جمل معترضات بين الجملتين المتعاطفتين ، ومضمون الجملة الأولى مؤكد لمضمون الجملة المعطوف عليها ، وهي وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ; ووجه إعادتها اختلاف القصد ، فإن الأولى للرد على المشركين وهذه لتعليم المؤمنين . واستعير الذوق لمطلق الإحساس الباطني ؛ لأن الذوق إحساس باللسان يقارنه ازدراد إلى بالباطن .

[ ص: 64 ] وذوق الموت ذوق آلام مقدماته ، وأما بعد حصوله فلا إحساس للجسد .

والمراد بالنفس : النفوس الحالة في الأجساد كالإنسان والحيوان . ولا يدخل فيه الملائكة ؛ لأن إطلاق النفوس عليهم غير متعارف في العربية ، بل هو اصطلاح الحكماء وهو لا يطلق عندهم إلا مقيدا بوصف المجردات ، أي التي لا تحل في الأجساد ولا تلابس المادة . وأما إطلاق النفس على الله تعالى فمشاكلة : إما لفظية كما في قوله تعالى : تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك في سورة المائدة ، وإما تقديرية كما في قوله تعالى : ويحذركم الله نفسه في آل عمران ، وجملة ونبلوكم بالشر والخير فتنة عطف على الجملة المعترضة بمناسبة أن ذوق الموت يقتضي سبق الحياة ، والحياة مدة يعتري فيها الخير والشر جميع الأحياء ، فعلم الله تعالى المسلمين أن الموت مكتوب على كل نفس حتى لا يحسبوا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مخلد ، وقد عرض لبعض المسلمين عارض من ذلك ، ومنهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقد قال يوم انتقال النبيء - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى : ليرجعن رسول الله فيقطع أيدي قوم وأرجلهم ، حتى حضر أبو بكر - رضي الله عنه - وثبته الله في ذلك الهول ، فكشف عن وجه النبيء - صلى الله عليه وسلم - وقبله وقال : طبت حيا وميتا ، والله لا يجمع الله عليك موتتين .

وقد قال عبد بني الحسحاس وأجاد :

رأيت المنايا لم يدعن محمدا ولا باقيا إلا له الموت مرصدا



وأعقب الله ذلك بتعليمهم أن الحياة مشتملة على خير وشر ، وأن الدنيا دار ابتلاء .

[ ص: 65 ] والبلوى : الاختبار . وتقدم غير مرة . وإطلاق البلوى على ما يبدو من الناس من تجلد ووهن وشكر وكفر ، على ما ينالهم من اللذات والآلام مما بنى الله تعالى عليه نظام الحياة ، إطلاق مجازي ؛ لأن ابتناء النظام عليه دل على اختلاف أحوال الناس في تصرفهم فيه وتلقيهم إياه . أشبه اختبار المختبر ليعلم أحوال من يختبرهم . و " فتنة " منصوب على المفعولية المطلقة توكيدا لفعل " نبلوكم " ؛ لأن الفتنة ترادف البلوى ، وجملة " وإلينا ترجعون " إثبات للبعث ، فجمعت الآية الموت والحياة والنشر ، وتقديم المجرور للرعاية على الفاصلة وإفادة تقوي الخبر . وأما احتمال القصر فلا يقوم هنا ؛ إذ ليس ضد ذلك باعتقاد للمخاطبين كيفما افترضتهم




وتفسير ابن كثير

( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ( 34 ) كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ( 35 ) ) .

يقول تعالى : ( وما جعلنا لبشر من قبلك ) أي : يا محمد ، ( الخلد ) أي : في الدنيا بل ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) [ الرحمن : 26 ، 27 ] .

وقد استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الخضر ، عليه السلام ، مات وليس بحي إلى الآن; لأنه بشر ، سواء كان وليا أو نبيا أو رسولا وقد قال تعالى : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ) . [ ص: 342 ] وقوله : ( أفإن مت ) أي : يا محمد ، ( فهم الخالدون ) ؟! أي : يؤملون أن يعيشوا بعدك ، لا يكون هذا ، بل كل إلى فناء; ولهذا قال : ( كل نفس ذائقة الموت ) ، وقد روي عن الشافعي ، رحمه الله ، أنه أنشد واستشهد بهذين البيتين :

تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى


: تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد


وقوله : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) أي : نختبركم بالمصائب تارة ، وبالنعم أخرى ، لننظر من يشكر ومن يكفر ، ومن يصبر ومن يقنط ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ونبلوكم ) ، يقول : نبتليكم بالشر والخير فتنة ، بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم ، والغنى والفقر ، والحلال والحرام ، والطاعة والمعصية والهدى والضلال . .

وقوله : ( وإلينا ترجعون ) أي : فنجازيكم بأعمالكم .


 
 توقيع : ام ياسر




رد مع اقتباس