عرض مشاركة واحدة
قديم 11-19-2013, 07:13 PM   #1
مجلس الادارة


الصورة الرمزية ام ياسر
ام ياسر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1878
 تاريخ التسجيل :  Jun 2012
 أخر زيارة : 09-03-2020 (09:44 PM)
 المشاركات : 54,004 [ + ]
 التقييم :  637
 SMS ~
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي حِرْزِكَ وَحِفْظِكَ وَجِوَارِكَ وَتَحْتِ كَنَفِك.
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي ‏30 وقفة في‏ فن الدعوة - عائض القرنى



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

إن الحمد لله ، نحمده ونستغفره ، ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن ‏سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا ‏إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى ‏آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .‏
أما بعد :‏
فإن الدعوة فنُّ يجيده الدعاة الصادقون ، كفنّ البناء للبُناة المهرة ، وفنّ ‏الصناعة للصُّناع الحُذّاق ، وكان لزاماُ على الدعاة أن يحملوا هموم الدعوة ، ويجيدوا ‏إيصالها للنّاس ، لأنهم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم .‏
ولا بد للدعاة أن يدرسوا الدعوة ، لوازمها ، ونتائجها ، وأساليبها ، وما يجدّ ‏في الدعوة ، وكان لزاماً عليهم أن يتقوا الله في الميثاق الذي حملوه من معلم الخير ‏صلى الله عليه وسلم ، فإنهم ورثة الأنبياء والرسل ، وهم أهل الأمانة الملقاة على ‏عواتقهم .‏
فإذا عُلم ذلك فإن أي خطأ يرتكبه الداعية فإن ذلك سيؤثر في الأمة ، وسيكون ‏الدعّاة هم المسئولون بالدرجة الأولى عمّا يحدث من خطأ أو يرتكب من فشل ، بسبب ‏أنهم هم رواد السفينة التي إذا قادوها إلى برّ الأمان نجت بإذن الله .‏
لذا فإن على الدعاة آداباً لابد أن يتحلوا بها حتى يكونوا رُسُل هِداية ، ومشاعل ‏حقّ وخير ، يؤدون الرسالة كما أرادها الله .‏

-‏الإخلاص في الدعوة :‏
إن الإخلاص في العمل هو أساس النّجاح فيه ، لذا فإن على الدّعاة ‏الإخلاص في دعوتهم وأن يقصدوا ربهم في عملهم ، وألا يتطلعوا إلى ‏مكاسب دنيوية زائلة إلى حُطام فانِ ، ولسان الواحد منهم يقول ( قُلْ مَا ‏أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) الفرقان (قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) سبأ .. فلا ‏يطلب الداعي منصباً ، ولا مكاناً ، ولا منزلة ، ولا شهرةً ، بل يريد وجه ‏الواحد الأحد . ‏
‏( خذوا كلّ دنياكم ، واتركوا فؤادي حرًّا طليقاً غريباً ، فإني أعظم ثروة ‏، وإن خلتموني وحيداً سليباً ) .‏

‏2 – تحديد الهدف :‏
يجب أن يكون هدف الداعية واضحاً أمامه ، وهو إقامة الدين ، وهيمنة ‏الصّلاح ، وإنهاء أو تقليص الفساد في العالم (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا ‏اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .‏

‏3 – التحلي بصفات المجاهدين :‏
الداعية‎ ‎‏ كالمجاهد في سبيل الله ، فكما أن ذاك على ثغر من الثغور ، ‏فهذا على ثغر من الثغور ، وكما أن المجاهد يقاتل أعداء الله ، فهذا ‏يقاتل أعداء الله من الذين يريدون تسيير الشهوات والشبهات ،وإغواء ‏الجيل ، وانحطاط الأمة ، وإيقاعها في حمأة الرذيلة (وَيُرِيدُ الَّذِينَ ‏يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ) النساء ..‏
‎•‎ فيجب على الداعية أن يتحلى بما يتحلى به المجاهد وأن يصابر ‏الأعداء فيضرب الرقاب ( حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً ‏بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)‏

‏4- طلب العلم النافع :‏
يلزم الداعية أن يطلب العلم النافع الموروث عن معلم الخير صلى الله ‏عليه وسلم ، ليدعو على بصيرة ، فإن الله قال في محكم تنزيلة : (قُلْ هَذِهِ ‏سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا ‏مِنْ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف .... ‏
قال مجاهد : (( البصيرة : أي العلم )) ، وقال غيرة : (( البصيرة : أي ‏الحكمة )) ... وقال آخر : (( البصيرة : التوحيد ))‏
والحقيقة أن المعاني الثلاثة متداخلة ، ولابد للداعي أن يكون موحداً ‏للواحد الأحد ، لا يخاف إلا من الله ، ولا يرجو إلا الله ، ولا يرهب إلا ‏الله ، ولا يكون أحداً أشدّ حبَّا له من الله – عز وجل .‏
‎•‎ ولابد أن يكون ذا علم نافع ، وهو علم قال الله وقال رسوله صلى الله ‏عليه وسلم ، ليدعو الناس على بصيرة ، فيحفظ كتاب الله أو ما تيسّر ‏من كتاب الله _ عز وجل _ ويُعنى بالأحاديث عناية فائقة فيخرجها ، ‏ويصحح المصحح منها ، ويضعف الضعيف حتى يثق الناس بعلمه ، ‏ويعلم الناس أنه يحترم أفكارهم ، وأنه يحترم حضورهم ، فيجب أن ‏يحترم الجمهور بأن يحضر لهم علماً نافعاً ، جديداً بناءً ، مرسوماً ‏على منهج أهل السنة والجماعة .‏
كذلك على الداعية أن يكون حريصاً على أوقاته في حلّه وترحاله ، ‏في إقامته وسفره ، في مجالسه ، فيناقش المسائل ، ويبحث مع طلبة العلم ‏، ويحترم الكبير ، ويستفيد من ذوي العلم ، ومن ذوي التجربة والعقل .‏
إذا فعل ذلك سدد الله سهامه ، ونفع بكلامه ، وأقام حجته ، وأقام ‏برهانه .‏

‏5 – ألا يعيش المثاليات :‏
ومما ينبغي على الداعية ألاّ يعيش المثاليات ، وأن يعلم أنه مقصر ، وأن ‏الناس مقصرون , قال سبحانه وتعالى ((وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ‏مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ‏‎(‎‏) النور ... فهو ‏الكامل سبحانه وتعالى وحده ، والنقص لنا ، ذهب الله بالكمال ، وأبقى ‏كل النقص لذلك الإنسان ، فما دام أن الإنسان خلق من نقص فعلى ‏الداعية أن يتعامل معه على هذا الاعتبار سواء كانوا رجالاً أو شباباً أو ‏نساءً ، قال سبحانه وتعالى ((إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ ‏أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ ‏‎(‎‏) النجم 32 .‏
فما دام الله قد أنشأكم من الأرض ، من الطين ، من التُراب ، فأنتم ‏ناقصون لا محالة ، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يتعامل مع الناس ‏على أنهم ناقصون ، وعلى أنهم مقصرون ، يرى المقصر منهم فيعينه ‏ويساعده ويشجعه ، ويأخذ بيده إلى الطريق .‏
‎•‎ والداعية الذي يعيش المثاليات لا يصلح للناس ، فإنه يتصور في ‏الخيال أن الناس ملائكة ، الخلاف بينهم وبين الملائكة الأكل ‏والشرب !! ‏
وهذا خطأ ، خاصة في مثل القرن الخامس عشر الذي لا يوجد فيه ‏محمد صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة الأخيار ، وقل أهل العلم ، ‏وكثرت الشبهات !!‏
‏ وانحدرت علينا البدع من مكان ، وأُغرقنا بالشهوات ، وحاربتنا ‏وسائل مدروسة ، دُرست في مجالس عالمية وراءها الصهيونيه العالمية ‏وأذنابها !!‏
فحق على العالم وحق على الداعية أن يتعامل مع هذا الجيل ويتوقع ‏منه الخطأ ، ويعلم أن الإنسان سوف يحيد عن الطريق ، فلا يعيش ‏المثاليات .‏
– عدم اليأس من رحمة الله :‏
يجب على الداعية ألاّ يغضب إن طَرح عليه شاب مشكلته ، وأنه وقع في ‏معصية ، فقد أُتىَ الرسول صلى الله عليه وسلم برجل شرب الخمر وهو ‏من الصحابة أكثر من خمسين مرة !!‏
ثبت في الصحيح ، فلما أتى به ليقام عليه الحدّ ، قال بعض الصحابة : ‏أخزاه الله ، ما أكثر ما يؤتى به ! فغضب عليه الصلاة والسلام ، وقال ‏للرجل : (( لا تقل ذلك لا تعن الشيطان عليه ، والذي نفسي بيده ، ما ‏علمتُ إلا أنه يحبّ الله ورسوله )) أخرجه البخاري (12/75 رقم : ‏‏6781/6780 )‏
فما أحسن الحكمة ، وما أعظم التوجيه !!‏
لذلك نقول دائماً : لا تيأس من الناس مهما بدرت منهم المعاصي ‏والمخالفات والأخطاء ، واعتبر أنهم أمل هذه الأمة ، وأنهم في يوم من ‏الأيام سوف تفتح لهم أبواب التوبة ، وسوف تراهم صادقين مخلصين ، ‏تائبين متوضئين .‏
‎•‎ وينبغي على الداعية أن لا ييأس من استجابة الناس ، بل عليه أن ‏يصبر ويثابر ، ويسأل الله لهم الهداية في السجود ، ولا يستعجل ‏عليهم ، فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة ‏سنة يدو إلى (( لا إله إلا الله )) ، فلم ييأس مع كثرة الإيذاء !! ومع ‏كثرة السب !! ومع كثرة الشتم !! واعلم أن ما تتعرض له من ‏صعوبات لا يقارن بما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ‏ذلك صبر وتحمل كل ذلك ولم يغضب ، حتى أتاه ملك الجبال ! فقال ‏له : يا محمد ، إن الله قد سمع قول قومك لك ، وأنا ملك الجبال وقد ‏بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك ، فما شئت ، إن شئت أن أطبق ‏عليهم الأخشبين ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (( بل ‏أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به ‏شيئاً )) أخرجه البخاري ( 6/312-313 رقم 3231 ) ومسلم ( 3 / ‏‏1420 رقم 1795 ) ‏
فأخرج الله من أصلاب الكفرة القادة ، فمن صُلب الوليد بن المغيرة : ‏خالد بن الوليد ، ومن صُلب أبي جهل : عكرمة بن أبي جهل .‏
فما أحسن الطريقة ، وما أحسن ألا ييأس الداعية ، وأن يعلم أن ‏العاصي قد يتحول بعد عصيانه إلى إمام مسجد ! أو خطيب ! أو إلى ‏عالم !‏

من الذي ما أساء قط ! ومن له الحسنى فقط ؟!‏

من ذا الذي ترضى سجاياه كلها
‏ كفى المرء نبلاً أن تعدّ معايبه !‏
تــريــد مهــذّبــاً لا عيــب فيـــــه
‏ وهـــل عود يفوح بلا دُخـــان ؟!‏

هذا لا يصلح على منهج الكتاب والسنة .‏
فلا تقنط من رحمة الله فإن رحمة الله وسعت كل شيء ، وهو ‏الرحمن الرحيم ، الذي يقول في الحديث القدسي الذي رواه أحمد ‏والترمذي بسند صحيح (( يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني إلا ‏غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم ‏استغفرتني غفرت لك ولا أُبالي ، يا ابن آدم ، لو أتيتني بقراب الأرض ‏خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً ، لأتيتك بها مغفرة )) أخرجه ‏الترمذي ( 3540 ).‏
وعلى الداعية ألا ييأس من المدعوين بسبب بعض معاصيهم وإنما ‏عليه أن يعايش الجميع ، الكبير والصغير ، الصالح والطالح ، والمطيع ‏والعاصي ، ولتعلم أن هذا العاصي قد يكون في يوم من الأيام من رجال ‏الدعوة ، وقد يكون من أولياء الله ، فلا تيأس ، وعليك أن تتدرّج معه ، ‏وأن تأخذ بيده رويداً رويداً ، وألا تجابهه وألا تقاطعه .‏
‎•‎ جاء وفد ثقيف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الدين ‏قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، ولكن أما الصلاة فلا ‏نصلي ! وأما الزكاة فلا نزكي ! ولا نُجاهد في سبيل الله !!‏
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما الصلاة ، فلا خير في دين لا ‏صلاة فيه )‏
وأما الصدقة والجهاد فقد فقال صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : ( ‏سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا ) رواه أبو داود
فأسلموا ، فأدخل الله الإيمان في قلوبهم ، فصلوا وزكوا وجاهدوا ، وقتل ‏بعضهم وراء نهر سيحون وجيحون في سبيل الله ! وقُتل بعضهم في ‏قندهار .‏
فلا ييأس الإنسان من دعوة الناس إلى سبيل الله سبحانه وتعالى ، ‏وليعلم أنهم في مرحلة المراحل سوف يهتدون وسوف يعودون إلى الله ‏سبحانه وتعالى .‏
فلا تقنط شارب الخمر من توبته إلى الله ، ولا تُقنط السارق ولا ‏الزاني ، ولا القاتل ، بل حببهم إلى الهداية ، وقل لهم هناك ربَّ رحيم ، ‏يقول في محكم التنزيل : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ‏ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يُصروا على ‏ما فعلوا وهم يعلمون ) آل عمران 135.‏
قال علي رضي الله عنه وأرضاه : ( الحكيم من لا يُقنط الناس من رحمة ‏الله ، ولا يورطهم في معصية الله ).‏
‎•‎ ومن آداب الداعية كذلك ألا يهون على الناس المعاصي ، بل يخوفهم ‏من الواحد الأحد ، فيكون في دعوته وسطاً بين الخوف والرجاء ، ‏فإن بعض الدعاة قد يتساهل مع بعض الناس في المعاصي ! كلما ‏أرتكب كبيرة قال : (( سهلة ))! وكلما أُتي بأخطاء قال : (( أمرها ‏بسيط ))!‏
أفلا يعلم أن هناك ربًّا يغضب إذا انتهكت حدوده ؟! وأن هناك سلطاناً ‏عظيماً على العرش استوى ، لا يرضى أن تُنتهك محارمه ، وقد صح ‏في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم : (( تعجبون من ‏غيرة سعد ؟ والذي نفسي بيده ، إني أغير من سعد ، وإن الله أغير منّي ‏‏)) أخرجه البخاري ( 13/399 رقم 7416 ) ومسلم ( 2 / 1136 رقم ‏‏1499 ) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه .‏
وقد ورد من صفاته _ سبحانه وتعالى _ كما في الصحيح من حديث ‏ابن مسعود : (( إن الله غيور ، ومن غيرته سبحانه وتعالى أنه يغار على ‏عبده المؤمن أن يزني ، وعلى أمتِه المؤمنة أن تزني )).‏

‏7 – عدم الهجوم على الأشخاص بأسمائهم :‏
من مواصفات الداعية ألا يُهاجم الأشخاص ب؟أسمائهم ، فلا ينبذهم على ‏المنابر بأسمائهم أمام الناس ، بل يفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه ‏وسلم ويقول : (( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا )). ‏
فيعرف صاحب الخطأ خطاه ولكن لا يُشهر به .‏
أما إن كان هناك رجل جاهر الله بكتاباته أو بانحرافاته أو بأدبه أو ‏ببدعته ، أو بدعوته إلى المجون ، فهذا لا بأس أن يُشهر به عند أهل ‏العلم ، حتى يبين خطره ، فقد شهر أهل العلم بالجهم بن صفوان ، وقال ‏ابن المبارك في الجهم : هذا المجرم الذي قاد الأمة إلى الهاوية ، وابتدع ‏في الدين قال : عجبت لدّجال دعا الناس إلى النار . واشتق أسمه من ‏جهنم ، وشهّروا كذلك بالجعد بن درهم ، وكتبوا أسماءهم في كتب ‏الحديث ، وحذروا الناس منهم في المجالس العامة والخاصة ، فمثل ‏هؤلاء يُشهر بهم ، أما الذين يُتكتم على أسماءهم فهم أُناس أرادوا الخير ‏فأخطأوا ، وأُناس زلت بهم أقدامهم ، وأُناس أساءوا في مرحلة من ‏المراحل ، فهؤلاء لا تُحاول أن تُظهر أسماءهم في قائمة سوداء فقد ‏يغريهم هذا إلى التمادي في الخطأ ، وقد تأخذهم العزة بالإثم !‏

‏8 – الداعية لا يزكي نفسه عند الناس : ‏
على الداعية ألا يُزكي نفسه عند الناس ، بل يعرف أنه مقصر مهما فعل ‏، ويحمد ربه سبحانه وتعالى أن جعله متحدثاً إلى الناس ، مبلغاً عن ‏رسوله صلى الله عليه وسلم ، فيشكر الله على هذه النعمة ، فإن الله قال ‏لرسوله صلى الله عليه وسلم : (( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا ‏مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً )) وقال له في آخر المطاف بعد أن أدى الرسالة كاملة ‏‏(( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ‏‏* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً )) ‏
‎•‎ قال أهل العلم : أمره أن يستغفر الله
فلا يأتي الداعية فيزكي نفسه ، ويقول : أنا آمركم دائماً وتعصونني ! ‏وأنهاكم ولا تمتثلوا نهيي ! وأنا دائماً ألاحظ عليكم .. وأنا دائماً أرى ، ‏وأنا دائماً أقول ، أو أنا دائماً أُحدث نفسي إلى متى تعصي هذه الأمة ‏ربها ؟!‏
‎•‎ فيخرج نفسه من اللوم والعقاب ، وكأنه بريء !! فهذا خطأ . بل بل ‏يجعل الذنب واحداً ، والتقصير واحداً ، فيقول لهم : وقعنا كلنا في ‏هذه المسألة ، وأخطأنا كلنا ، فما نحن إلا أسرة واحدة ، فربما يكون ‏من الجالسين من هو أزكى من الداعية ، ومن هو أحب إلى الله ، ‏وأقرب إليه منه !‏

‏9- عدم الإحباط من كثرة الفساد والمفسدين :‏
فينبغي ألا يصاب الداعية بالإحباط ، وألا يصاب بخيبة أمل ، وهو ‏يرى الألوف المألفة تتجه إلى اللهو ، وإلى اللغو ، والقلة القليلة تتجه ‏إلى الدروس والمحاضرات ، فهذه سنة الله في خلقه ( وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ ‏اللَّهِ تَبْدِيلاً ) الأحزاب
فإن الله ذكر في محكم تنزيله أن أهل المعصية أكثر ، وأن الضلال ‏أكثر وأن المفسدين في الأرض أكثر ، فقال : ((وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي ‏الشَّكُورُ )) سبأ .. وقال : ((وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ ‏عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )) الأنعام .. وقال سبحانه وتعالى : ((وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ ‏وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ )) يوسف . وقال : ((أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى ‏يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )) يونس .. وقال : ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)) الغاشية ‏‏.. (( لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ )) الأنعام .. (( إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ)) ‏الشورى .. فنحن لا نملك سوطاً ولا عصى ، ولا عذاباً ولا حساباً ، ‏إنما نملك حبّا ودعوة وبسمة ونقود الناس بها إلى جنة عرضها ‏السماوات والأرض ، فإن أجابوا حمدنا الله ، وإن لم يستجيبوا ‏ورفضوا أوكلنا أمرهم لله الذي يحاسبهم – سبحانه وتعالى .‏
قال بعض العلماء : ( الكفار في الأرض أكثر من المسلمين ، وأهل ‏البدعة أكثر من أهل ألسنه ، والمخلصون من أهل ألسنه أقل من غير ‏المخلصين )!‏
‎•‎ ومن صفات الداعية أيضاً أنه يعيش واقع الناس ويقرأ حياتهم ‏ويتعرف على أخبارهم ، وقال – سبحانه وتعالى – لرسوله صلى الله ‏عليه وسلم : (( وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ )) ‏الأنعام ..‏
ومن حكمة الله - سبحانه وتعالى – أنه أحيا رسوله أربعين سنة في مكة ‏، عاش في شعاب مكة ، وفي أودية مكة ، عرف مساربها ومداخلها ، ‏عرف الأطروحات التي وقعت في مكة ، وعرف بيوت أهل مكة ، ‏واعترض الكفار . وقالوا : (( لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ )) الأنعام .. فالله – ‏سبحانه وتعالى – ذكر أنه لا بد أن يكون بشراً ، يعيش آمال الناس ، ‏ويعيش هموم الناس و مشاكلهم ، ويعرف احتياجاتهم .‏
‎•‎ فحق على الداعية أن يقرأ واقعة ، ويستفيد من مجتمعه ، وأن يعرف ‏ماذا يدور في البلد ؟ وماذا يقال ؟ وما هي القضايا المطروحة ؟ ‏ويتعرف حتى على الباعة ، وعلى أصناف التجار ، وعلى الفلاحين ‏، وعلى طبقات الناس ، وأن يلوح بطرفه في الأماكن ، وفي مجامع ‏الناس ، وفي الأسواق وفي المحلات ، وفي الجامعات ، وفي الأندية ‏، حتى يكون صاحب خلفية قوية ، ويتكلم عن واقع يعرفه .‏
لذا جعل أهل العلم من لوازم الداعية إذا أتى إلى بلد أن يقرأ تاريخ هذا ‏البلد ، وكان بعض العلماء إذا سافروا إلى الخارج يأخذون مذكرات عن ‏البلد ، وعن تاريخه ، وعن جغرافيته ، وعن متنزهاته ، ويتعرفون على ‏طبيعة أهله ، وكيف يعيشون وماذا يحبون ، وماذا يكرهون ؟! ‏ويتعرفون على كيفية التربية في هذا البلد .. حتى يتكلمون عن بصيرة .‏

‏10 – عدم المزايدة على كتاب الله :‏
فإن بعض الوعّاظ والدعاة يحملهم الإشفاق والغيرة على الدين على أن ‏يزيدوا عليه ما ليس فيه ، فتجدهم إذا تكلموا عن معصية جعلوا عقابها ‏أكثر مما جعله الله – عز وجل – حتى إن من يريد أن ينهى عن الدخان ‏وعن شربه يقول مثلاً : ( يا عباد الله ، إن من شرب الدخان حرَّم الله ‏عليه دخول الجنة ، وكان جزاؤه جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ) !!‏
هذا خطأ ، لأن هناك موازين في الشريعة .. هناك شرك يخرج من الملة ‏‏. وهناك كبائر ، وهناك صغائر ، وهناك مباحات . قد جعل الله لكل ‏شيء قدراً .‏
فوضع الندى في موضع السيف بالعلا
‏ مضر كوضع السيف في موضع الندى‏
فعلى الداعي ألاّ يهول على الناس في جانب العقاب ، كما عليه ألا يهول ‏عليهم في جانب الحسنات كأن يستشهد بالحديث – وهو ضعيف – الذي ‏يقول : ( صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بلا سواك ) انظر الفوائد ‏المجموعه في الأحاديث الموضوعه للشوكاني رقم 22 .. وحديث – ‏وهو باطل - : ( من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله بني له سبعين ‏قصراً في الجنة ، في كل قصر سبعون حورية ، على كل حورية ‏سبعون وصيفاً ، ويبقى في سبعين من صلاة العصر إلى صلاة المغرب ‏‏...)! ‏
فالتهويل ليس بصحيح ، بل يكون الإنسان متزناً في عباراته ، ويعرف ‏أنه يوقع عن رب العالمين ، وينقل عن معلم الخير صلى الله عليه وسلم .‏


‏11 – عدم الاستدلال بالأحاديث الموضوعة : ‏
على الداعية ألاّ يستدل بحديث موضوع إلا على سبيل البيان ، ويعلم أن ‏السنة ممحصة ومنقاة ، وأنها معروضة ، ولذلك لما أوتي بالمصلوب – ‏هذا المجرم الذي وضع أربعة آلاف حديث على محمد صلى الله عليه ‏وسلم كذباً وزوراً – إلى هارون الرشيد ليقتله ، فسلَّ هارون الرشيد عليه ‏السيف ، قال هذا المجرم : اقتلني أو لا تقتلني ، والله لقد وضعت على ‏أمة محمد أربعة آلاف حديث !!‏
فقال هارون الرشيد : (( ما عليك يا عدو الله يتصدى لها الجهابذة ‏يزيّفونها ، ويخرجونها كابن المبارك ، وأبي إسحاق المروزي )) . فما ‏مرَّ ثلاثة أيام إلا نقاها عبدالله بن المبارك وأخرجها ، وبين أنها ‏موضوعه جميعها .‏
فالأحاديث الموضوعة – ولله الحمد – مبيَّنه ، ونحذر الدعاة من أن ‏يذكروا للناس حديثاً موضوعاُ ، ولو قالوا إنه في مصلحة الدعوة إلى الله ‏، فالمصلحة كل المصلحة فيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏صحيحاً ، لا في الأحاديث الباطلة كحديث علقمة وما واجه مع أمه ، ‏وحديث ثعلبة والزكاة ، وكأحاديث أُخر بواطل ، وأثرها على الأمة سقيم ‏، لكن يجوز للداعية أن يبين للناس في محاضرة أو درس أو خطبة ‏الأحاديث الموضوعة حتى يتعرف الناس عليها .‏
أما الأحاديث الضعيفة فلها شروط ثلاثة للاستدلال بها :‏
‎‎ الشرط الأول : ألا يكون ضعيفاً شديد الضعف .‏
‎‎ الشرط الثاني : أن تكون القواعد الكلية في الشريعة تسانده وتؤيده ‏‏.‏
‎‎ الشرط الثالث : ألا يكون في الأحكام بل يكون في فضائل الأعمال ‏‏.‏
وقد ذكر شيخ الأسلام ابن تيمية – رحمه الله – عن الإمام أحمد أنه قال : (( ‏إذا أتى الحلال والحرام تشددنا ، وإذا أتت الفضائل تساهلنا )) مجمع ‏الفتاوى 18/65 ... وهذا كلام جيد ، ولو أنه غير مجمع عليه .‏

‏12 – عدم القدح في الهيئات والمؤسسات والجمعيات ‏والجماعات بأسمائها :‏
ومما يجب على الداعية ألا يقدح في الهيئات ولا المؤسسات بذكر أسمائها ، ‏وكذلك الجمعيات والجماعات وغيرها .. ولكن عليه أن يُبيّن المنهج الحق ، ‏ويبين الباطل ، فيعرف صاحب الحق أنه محق ، ويعرف صاحب الباطل ‏أنه مُخطئ ، لأنه إذا تعرض للشعوب جملة ، أو للقبائل بأسمائها أو ‏للجمعيات ، أو للمؤسسات ، أو للشركات ، أتى الآلاف من هؤلاء فنفروا ‏منه ، وما استجابوا له .. وتركوا دعوته ، وهذا خطأ .‏
وفي الأدب المفرد مما يُروى عنه صلى الله عليه وسلم : (( أن من أفرى ‏الفِرَى أن يهجو الشاعر القبيلة بأسرها )) أخرجه البخاري في الأدب المفرد ‏رقم 126 وهو صحيح ، أنظر الصحيحة للألباني 2/402 . وهذا خطأ ، فإن ‏من يقول قبيلة كذا كلهم فسدة وفسقة مخطئ ! لأنه ما صدق في ذلك فالتعميم ‏عرضة للخطأ .‏
‎•‎ ولا بد للداعي أن يكون لبقاً في اختيار عباراته حتى يكسب القلوب ، ‏ولا يُثير عليه الشعب ، فإن الناس يغضبون لقبائلهم ، ويغضبون ‏لشعوبهم ، ويغضبون لشركاتهم ، ويغضبون لمؤسساتهم ، ويغضبون ‏لجمعياتهم .. فلينتبه لهذا ، وعليه ألا يظهر بهالة المستعلي على ‏جمهوره ، وعلى أصحابه وعلى أحبابه ، وعلى إخوانه ، وعلى ‏المدعوين ، وكأن يقول – مثلاً - : أنا قلتُ ، وفعلتُ ، وكتبتُ ، ‏وأرسلتُ ، وغضبتُ ، وألفت ! ‏
فإن (( أنا )) من الكلمات التي استخدمها إبليس .‏
يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: (( وليحذر من طغيان كلمات : أنا ، ‏ولي ، وعندي ، ف‘ن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلى بها إبليس وفرعون وقارون ‏، وقال إبليس : (( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ )) الأعراف ‏‏.. وقال فرعون : (( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ )) الزخرف .. وقال قارون : ‏‏((إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) القصص ..))‏
فاجتنب أنا ، واجتنب لي ، واجتنب عندي .. ولكن تصلح (( أنا )) في مثل : ‏أنا مقصر ، كما قال شيخ الإسلام – رحمه الله - :‏
أنا الفقير إلى ربّ البريات *** أنا المسكين في مجموع حالاتي ‏
مدح أحد الناس ابن تيميه فقال :‏
أنا المكدي وابن المكدي *** وهكذا كان أبي وجدي !‏

فقال : أنا مذنب وأبي مذنب ! وجدي مذنب ! إلى آدم عليه السلام .‏
‎•‎ فواجب على الداعية أن يظهر دائماً بالتواضع ، وأن يلتمس الستر من ‏إخوانه ، وأن يبادلهم الشعور ، وأن يطلب منهم المشورة والاقتراح ، ‏وأن يعلم أن فيهم من هو أعلم منه ، وأفصح منه ، وأصلح منه .‏
قال بعض السلف : (( الساكت ينتظر الأجر من الله ، والمتكلم ينتظر ‏المقت ، فإن المتكلم خطيء ))‏

‏13 – أن يجعل الداعية لكل شيء قدراً :‏
لا ينبغي للداعية أن يعطي المسألة أكبر من حجمها ، فالدّين مؤسس ، ‏والدينّ مفروغ منه : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ‏وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً )) المائدة
فلا يعطى الداعية المسائل أكبر من حجمها ، وكذلك لا يصغر المسائل ‏الكبرى أو يهوّنها عند الناس .. ومن الأمثلة على ذلك :‏
‎•‎ أن بعض الدعاة يعطي مسألة إعفاء اللحية أكبر من حجمها حتى ‏كأنها التوحيد الذي يخلد به الناس أو يدخل الناس به الجنه ، ويدخل ‏الناس بحلقها النار ويخلدون فيها ! مع العلم أنها من السنن الواجبات ‏، ومن حلقها فقد ارتكب محرماً ، لكن لا تأخذ حجماً أكبر من حجمها ‏، وكذلك مسألة إسبال الثياب ، والأكل باليسرى ، وغيرها من ‏المسائل . لا يتركها الداعيه أو يقول إنها قشور فيخطئ ، ولا يعطيها ‏أكبر من حجمها ، فقد جعل الله لكل شئ قدراً .‏
والحر ميزان ، فعليه أن يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ‏تكلم عن التوحيد في جّل أحاديثه ومجالسه ، وأعطى المسائل حجمها ‏حتى لا يُصاب الناس بإحباط .‏
‎•‎ فإن التربيه الموجهة أن تصف له المسألة السهلة فتكبرها عنده ، ‏وتصغر له المسألة الكبرى
أحياناً يصغر بعض الناس من مسألة السَّحر ، واستخدام السحر ، ويقول ‏هو مذنب ، مع العلم أنه عند الكثير من أهل العلم مخرج من الملة ، وحّد ‏السحر ضربه بالسّيف ، ومع ذلك تجد بعض الدعاة يصغر من مسألة ‏السحر !‏
وأحياناً يصغر بعض الدعاة كذلك من شأن الحداثة ، والهجوم على ‏الإسلام في بعض الصحف والمجلات والجرائد ، ويقول : هذا ممكن ، ‏هذا أمر محتمل ، المسألة سهلة ويسيرة !! إلى غير ذلك من الأمور .‏

‏14 – اللين في الخطاب والشفقة في النصح :‏
على الداعية أن يكون ليَّنا في الخطاب ، فقد كان الرسول صلى الله عليه ‏وسلم لين الكلام بشوش الوجه ، وكان صلى الله عليه وسلم متواضعاً ‏محبباً إلى الكبير والصغير ، يقف مع العجوز ويقضي غرضه ، ويأخذ ‏الطفل ويحمله ، ويذهب إلى المريض ويعوده ، ويقف مع الفقير ، ‏ويتحمل جفاء الأعرابي ، ويرحب بالضيف ، وكان إذا صافح شخصاً لا ‏يخلع يده من يده حتى يكون الذي يصافحه هو الذي يخلع ، وكان إذا ‏وقف مع شخص لا يعطيه ظهر حتى ينتهي من حديثه ، وكان دائم ‏البسمة في وجوه أصحابه صلى الله عليه وسلم لا يقابل أحداً بسوء ( ‏فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ ‏حَوْلِكَ ) آل عمران .. فإذا فعل الإنسان ذلك كان أحب إلى الناس ممن ‏يعطيهم الذهب والفضة !‏
ويرسل الله موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون أطغى الطواغيت ‏، ويأمرهما باللين معه فيقول : (( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ‏‏)) طه.‏
فالقول ألين سحر حلال ، قيل لبعض أهل العلم : ما هو السحر الحلال ؟ ‏قال : (( تبسمك في وجوه الرجال )) . وقال أحدهم يصف الدعاة الأخيار ‏من أمة محمد صلى الله عليه وسلم : (( حنينون ، لينون ، أيسار بني ‏يسر ، تقول لقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري ))!‏
‎•‎ فأدعو الدعاة إلى لين الخطاب ، وألا يُظهروا للناس التَّزمُت ولا ‏الغضب ، ولا الفظاظة في الأقوال والأفعال ، ولا يأخذوا الناس أخذ ‏الجبابرة ، فإنهم حكماء معلمون أتوا رحمة للناس ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ ‏رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) الأنبياء .‏
فالرسول صلى الله عليه وسلم رحمة ، وأتباعه رحمة ، وتلاميذه رحمة ‏، والدعاة إلى منهج الله رحمة ، وعلى الداعية كذلك أن يُثني على أهل ‏الخير ، وأن يُشاور إخوانه ولا يستبد برأيه . والله – سبحانه وتعالى – ‏يقول : ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) آل عمران .. وقوا : (( وَأَمْرُهُمْ شُورَى ‏بَيْنَهُمْ)) الشورى
فيشاور طلابه في الفصل ، ويشاورا إخوانه ، ويُشاور أهل الخير ممن ‏هم أكبر منه سناً ، ويشاور أهل الدين ، ولا بأس أن يعرض عليهم حتى ‏المسأل الخاصة كي يثقوا به ، ويخلصوا له النصح ، ويكونوا على قرب ‏منه ، ويشاور أهل الحي ، وأهل الحارة ، فإن الرسول صلى الله عليه ‏وسلم جلب حب الناس بالمشاورة ، فكان يشاورهم حتى في المسائل ‏العظيمة التي تلمّ بالأمة ، كنزوله في يوم بدر ، ومشاورته لأصحابه في ‏الأسرى ( أنظر فتح الباري 13/399باب رقم 28 ) ونحو ذلك من ‏الغنائم وأمثالها من القضايا الكبرى .‏
‎•‎ فعلى الداعية أن يشاور المجتمع ولا بأس أن يكتب لهم بطاقات ، وأن ‏يطلب آراءهم ، وإذا وجد منهم مجموعه يقول : ما رأيكم يا إخوة في ‏كذا ، وكذا .. فإن رأي الاثنين أفضل من رأي الواحد ، ورأي الثلاثة ‏أفضل من رأي الاثنين ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) آل عمران .‏

‏15 – حسن التعامل مع الناس وحفظ قدرهم :‏
فعلى الداعية أ ن يُثني على أهل الخير ، ويشكر من قدم له معروفاً ، فإن ‏الداعية إذا أثنى على أهل الخير عرفوا أنه يعرف قدرهم ، وأنه يعرف ‏الجميل ، أما أن تترك صاحب الجميل بلا شكر و المخطئ بلا إدانة وبلا ‏تنبيه ، فكأنك ما فعلت شيئاً !‏
لا بدّ أن تقول للمحسن أحسنت ، وللمسيء أسأت ، لكن بأدب ، فكبار السن ‏يحبون منك أن تحتفل بهم ، وأن تعرف أن لهم حق سن الشيخوخة ، وأنهم ‏سبقوك في الطاعة ، وأنهم أسلموا قبلك بسنوات ، فتعرف لهم قدرهم .‏
‎•‎ وكذلك العلماء والقضاة ،وأعيان الناس وشيوخ القبائل .. ونحو ذلك ‏من أهل العلم والفضل ، وأهل المواهب كالشعراء الإسلاميين ، ‏والكتاب الإسلاميين ، ومن لهم بلاء حسن ، والتجار الذين ينفقون في ‏سبيل الله .. فتُظهر لهم المنزلة وتشكرهم على ما قدّموا حتى تحيي ‏في قلوبهم هذا الفعل الخيَّر / كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏على المنبر : (( غفر الله لعثمان ما تقدم من ذنبه وما تأخر )) أخرجه ‏أحمد في فضائل الصحابة 1/456 رقم 736 وإسناده ضعيف .. ، (( ‏ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم )) أخرجه الترمذي 3701 وحسنه ‏الألباني في التعليق على المشكاة 3/1713 .. وكان يقول : (( دعوا ‏لي أصحابي )) أخرجه أحمد في مسنده 3/266وصححه الألباني ‏‏...يعني أبا بكر الصديق ، وكان صلى الله عليه وسلم يشكر عمر ، ‏ويخبر ما رأى عمر ، وكان يثني على هذا ، ويمدح هذا ، ويشكر هذا ‏، فإن هذه من أساليب التربية ، وليست من التملك في شيء .‏

‏16 – أن يعلن الدعوة للمصلحة ، ويسرَّ بها للمصلحة :‏
فعلى الداعية أن يعلن الدعوة للمصلحة ، يعلن بها حيث يكون الإعلان طيباً ‏كالمحاظرة العامة ، والموعظة العامة في قرية أو بلدة أو في مدينة ، ولكنه ‏إذا أتى ينصح شخصاً بعينه فعليه أن يسر الدعوة ، فيأخذة على حدة ، ‏ويتلطف له في العبارة ، وينصحه بينه وبينه ، قال الشافعي – رحمه الله :‏
تغمدني بنصحك في انفرادِ
‏ وجنبني النصيحة في الجماعه ‏
فإن النصح بين الناس نوع
‏ من التوبيخ لا أرضى استماعه‏
فإن خالفتني وعصيت قولي
‏ فلا تجزع إذا لم تُعط طــــاعـــه‏
‎•‎ فيقصد أنه إذا خالفتني ونصحت الإنسان أمام الناس فلا تجزع فسوف ‏يجابهك هذا ، وينتقم لنفسه ، وقد تأخذه العزة بالإثم وكم شكى لي ‏بعض الشباب – حفظهم الله – أن بعض الناس قد جابهم في مجتمع ‏من الناس أو انتقدهم فأصابهم من تذمر وانقباض واشمئزاز ! وهذا ‏ليس من المصلحة في شيء .‏

‏17 – الإلمام بالقضايا المعاصرة والثقافة الواردة :‏
على الداعية أن يكون ملماً ومطلعاً على الأطروحات المعاصرة والقضايا ‏الحالية ، ويتعرف على الأفكار الواردة ، فيقرأ الكتابات الواردة ، وليس ‏بصحيح ما قاله بعض الناس حتى من الفضلاء بعدم قراءة كتب الثقافات ‏الواردة ! فإن هذا ليس بصحيح ، فلو لم نقراء هذه الكتب ونطلع على هذه ‏الثقافات ما عرفنا كيف نعيش ؟ وأين نعيش ؟ ولما عرفنا كيف نتعامل مع ‏هؤلاء الناس ؟!.‏
‏* بل أرى أن على الدعاة أن يقرءوا الصحف والمجلات ، لكن بحيطة ‏وحذر ، حتى لا يصل قليلو الثقافة إلى بعض المجلات الخليعة فتفسد عليهم ‏قلوبهم ، لكن إن أرادوا أن يطلعوا فليطلعوا بانفراد وتأمل ، ليعرفوا أهدافهم ‏ويعالجوا ذلك .‏
عرفت الشر لا للشرَّ لكن لتلافيه ‏
‏ ومن لا يعرف الشر جدير أن يقع فيه ‏

وقال عمر – رضي الله عنه وأرضاه - : (( إنما تنتقض عُرى الإسلام ‏عروة عروة من أناس ولوا في الإسلام ما عرفوا الجاهلية )).‏
فالذي لا يعرف الجاهلية لا يعرف الإسلام !‏
‏* فحق على الدعاة أن يطلعوا على هذه الثقافات – ما قلت – ومن يجد كتاباً ‏فيه شبهة أو فيه نظر فليعرضه على من هم أعلى منه حتى يكون على ‏بصيرة ، ونخرج بحلُّ إما بتنبيه أو بنصيحة عامة .‏


‏18 – مخاطبة الناس على قدر عقولهم :‏
على الداعية أن يكون حاذقاً ، يخاطب الناس على قدر عقولهم ، فإذا أتى ‏إلى المجتمع القروي تحث بما يهم أهل القريه من مسائلهم التي يعيشونها ‏،وإذا أتى إلى طلبة العلم في الجامعة حدثهم على قدر عقولهم من الثقافة ‏والوعي . وإذا أتى إلى مستوى تعليمي أدنى تنزل إليهم في مسائلهم وتباطأ ‏، فإن لكل مسائل .‏
فمسائل البادية – مثلاُ - : الشرك أو السحر أو الكهانة أو الإخلال بالصلاة ‏أو نحو ذلك .‏
ومسائل أهل الجامعة - مثلاُ - : الأفكار الواردة من علمنة وإلحاد وحداثة ، ‏وشبهات وشهوات .‏
ومن مستوى الأدنى من ذلك : الجليس ، بر الوالدين ، حقوق الكبار ، حفظ ‏الوقت ، قراءة القرآن .. ونحو ذلك .‏
‏* فلا بدّ من مخاطبة الناس على قدر عقولهم ، وعلى قدر مواهبهم ، وعلى ‏قدر استعدادهم ، انظر إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم يخاطب معاذ بن ‏جبل بخطاب لا يخاطب به غيره من الأعراب ، فيخاطبه عن العلم ، وعن ‏أثر العلم ، وعن حفظ الله ، وعن حدود الله ، ويخاطب الأعراب عن التوحيد ‏وأنه يقودهم إلى جنة عرضها السماوات والأرض .. ونحو ذلك .‏

‏19 – ألا يسقط عيوبه على الآخرين : ‏
مما ينبغي على الداعية أن يَحذَرَ منه ألاّ ينتقد الآخرين ليرفع من قدر نفسه . ‏‏(( وهو أسلوب الإسقاط )) كما يُسمّى هذا في التربية .. أن تسقط غيرك ‏لتظهر أنت ، ويفعله بعض الناس من أهل الظهور وحبّ الشهرة – والعياذ ‏بالله من ذلك – وأهل الرياء والسمعة ، فإنه إذا ذكر له عالم قال فيه كذا وكذا ‏‏!! وإذا ذُكر له داعية ، قال : ما أرضى مسيره في الدعوة !! وإذا ذكر له ‏كاتب انتقده ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه : - سقاه الله من سبيل الجنة - ‏‏: (( بعض الناس كالذباب لا يقع إلا على الجرح )).‏
فالذباب يترك البقعة البيضاء في جسمك ، فإذا كنت لابساً ثوباً أبيض وكنت ‏متطيباً ، لا يقع الذباب عليه ! لكن إذا رأى جرح في إصبعك وقع عليه !‏
‏* وتجد أسلوب الإسقاط هذا عند بعض الناس يقول : شكر الله ‏للداعية فلان كذا وكذا !! لا يترك الاستنقاد ولا يترك الانتقاد ، ولا يترك ‏الاستثناء ، ولا يترك الاستدراك ، حتى يظهر هو كأنه هو الذي لا عيب فيه ‏قط !‏
وتجد من الأساليب ( المدبلجة ) التي دبلها الشيطان على بعض ‏الدعاة فإنه يأتي – مثلاً – ويدعو في قالب النصح للداعي ، ويريد أن ‏ينتقصه ، فإذا ذكر له داع قال : هداه الله أسأل الله أن يهديه ، فتقول له : ‏لماذا ؟ يقول : أسأل الله أن يهديه ( وكفى ) !‏
فتعرف أن وراء هذه الدعوة شيء ، وأنه يريد بها شيئاً آخر ، وهذا دعاء لا ‏يؤجر عليه !‏
قال ابن المبارك : (( رُبَّ مستغفر أذنب في استغفاره ، قالوا : كيف ؟ قال : ‏يُذكر له بعض الصالحين فيقول : أستغفر الله ، ومعناها أنه ينتقد عليه ، فلا ‏يكتب له أجر هذا الاستغفار بل يسجل عليه خطيئة ! ‏


‏20 – أن يتمثل القدوة في نفسه :‏
على الداعية أن يتمثل القدوة في نفسه ، وأن يسدد ويقارب ، وأن يعلن أن ‏خطأه يتضخَّم ! فالخطأ منه كبير ، وأن الناس ينظرون إليه .‏
قد هيأوك لأمر لو فطنت له
‏ فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل‏

فإنه أصبح أمامهم كالمرآة كلما وقعت فيها نقطة سوداء صغيرة كبرت ‏وتضخمت ، فليتق الله في هذه الأمة حتى لا يكون سبباً لهلاك كثير من ‏الناس ، فإنا رأينا كثيراً من العامة وقعوا في كثير من الخطايا بسبب فتاوى ‏، أو بسبب تصرفات اجتهادية من بعض الفضلاء ربما أوجروا عليها .. ‏أخطئوا خطأ واحداً ، ولكن وقع بسببهم عالَم !! ‏
‏* قال بعض الفضلاء : زلة العالمِ زلَّة عالَم !‏
فعليه أن يدرس القرار قبل أن يتخذه ، وعليه أن يدرس الخطوة التي يُريد ‏أن يخطوها حتى لا يكون عرضة لتوريط كثير من الناس ! وكم جُوبه ‏الإنسان بفتاوى من عامة الناس يستدلون بها بفعل بعض الفضلاء والأخيار ‏، وهذا خطأ عظيم !‏
‏21 – التآلف مع الناس : ‏
ينبغي للداعية أن يتآلف مع الناس بالنفع ، فيقدم لهم نفعاً ، فليست مهمة ‏الداعية فقط أن يلاحقهم بالكلام ! أو يلقي عليهم الخطب والمواعظ ! لكن ‏يفعل كما فعل رسولنا صلى الله عليه وسلم ، يتآلفهم مرة بالهداية ومرة ‏بالزيارة ، ولا بأس بالدعوة ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس ‏وآلفهم وأعطاهم وأهدى لهم ، بل كان يعطي الواحد منهم مائة ناقة ، وكان ‏يأخذ الثياب الجديدة ، وكان يعانق الإنسان ويجلسه مكانه ، فهذا من التآلف .‏
‏* وليست هناك صعوبة لتأليف كثير من الناس ، وردهم إلى الله - ‏عز وجل – مثل تأليف كثير من الشباب العصاة .. إذا رأيت شاباً عاصياً ‏وعلمته ، أو وجدت شاباً لا يستطيع الزواج ودفعت له المهر أو شيئاً من ‏المهر ، وقلت له أن يصحبك لصلاة الجماعة ، وأن يعود إلى الله وأن يتوب ‏‏.‏
أن تتآلف إنساناً تراه – مثلاً – مدمناً للمخدرات بشيء من المال بشرط أن ‏يتركها ويجتنبها وهكذا .‏

‏22 – أن يكون عند الداعية ولاء و براء نسبي :‏
ينبغي على الداعية أن يكون عنده ولاء وبراء نسبي ، حُبّ وبغض ، على ‏حسب طاعة الناس ، وعلى حسب معصيتهم ، ولا تحب حباً مطلقاً لمن فيه ‏طاعة ، ولا تبغض بغضاً مطلقاً لمن فيه معصية ، ولكن تحب الإنسان على ‏قدر طاعته وحبه لله ، وتبغضه على قدر معصيته ومخالفته لله ، فقد يجتمع ‏في الشخص الواحد حب وبغض ، تحبه لأنه يحافظ على صلاة الجماعة ، ‏وتبغضه لأنه يغتاب الناس !‏
تحب شخصاً آخر لأنه يعفي لحيته ، وتبغضه لأنه يسبل ثوبه ، فيجتمع في ‏الشخص الواحد حب وطاعة ! ‏


‏23 – أن يكون الداعية اجتماعياً : ‏
على الداعية أن يشارك الناس أحزانهم ، ويحل مشكلاتهم ، ويزور ‏مرضاهم ، فالانقطاع عن الناس ليس بصحيح ، فإن الناس إذا شعروا أنك ‏معهم تشاركهم أحزانهم وأتراحهم تعيش مشكلاتهم ، أحبوك ، ولذلك أقترح ‏على الدعاة أن يحضروا حفلات الزواج ، وقد يتعذر أحياناً عن عدم ‏حضور حفلات الزواج لما عنده من إرهاق ، فلا يعني ذلك أنه لا يحب ‏المشاركة ، لكن يحضر الزواج ، فيبارك للعريس ، ويبارك لأهل البيت ، ‏ويفرح معهم ، ويقدم الخدمات ، ويرونه متكلماً في صدر المجلس ، يرحب ‏بضيوفهم معهم ، فيحبونه كثيراً .‏
‏* وأقترح أن يقدم الدعاة أطروحات لمن أراد أن يتزوج ويقولون له : ‏نريد أن نساعدك وأن نعينك ، فماذا ترى وماذا تقترح علينا لنقدم لك ما ‏يُساعدك على ذلك ؟ وكذلك إذا سمع بموت ميت ، أن يذهب إلى أهله ‏ويواسيهم ويسليهم ، ويلقي عليهم الموعظة .‏
كيف يراك الناس تدعوهم يوم الجمعة ، ثم لا يرونك في أفراحهم أو في ‏أحزانهم ؟!‏
‎•‎ وكذلك تساهم في حل مشكلاتهم ، فالداعية مصلح ، وحينئذٍ يكسب ود ‏الناس ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه تأخر عن صلاة ‏الظهر مرة كما ورد في البخاري لأنه ذهب إلى بني عمر ابن عوف ‏يحل مشكلاتهم ، ويصلح فيما بينهم .‏
وكان صلى الله عليه وسلم إذا سمع عن مريض ، حتى من الأعراب البدو ‏في طرف المدينة ، ذهب بأصحابه يزوره !‏
وهذا من أعظم ما يمكن أن يحبب الداعية في نفوس الناس .‏

‏24 – مراعاة التدرج في الدعوة :‏
كذلك ينبغي للداعية أن يتدرج في دعوته ، فيبداء بكبار المسائل قبل ‏صغارها ، فلا يُقحم المسائل إقحاماً ، فبعض الدعاة يذهبون إلى أماكن ‏البادية في بعض القرى فيريد أن يصب لهم الإسلام في خطبة جمعة واحدة ‏‏! ‏
وما هكذا تعرض المسائل !!‏
عليك أن تأخذ مسألة واحدة تعرضها عليهم ، وتدرسها معهم كمسألة التوحيد ‏، أو مسألة المحافظة على الصلوات ، أو مسألة الحجاب ، أما أن تذكر لهم ‏في خطبة واحدة أو في درس واحد مسائل التوحيد ، والشرك ، والسحر ، ‏والحجاب ، والمحافظة على الصلاة ، وحق الجار ، فإنهم لا يمكن أن ‏يحفظوا شيئاً .‏
أوردها سعد وسعد مشتمل *** ما هكذا تورد يا سعد الإبل ‏
يرسل الرسول صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن ، يقول له : (( أوّل ما ‏تدعوهم شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوك ‏فأخبرهم أن الله فرض عليم خمس صلوات في اليوم والليلة )).‏
‏* هكذا يعرض الداعية ، لا تأتي إلى ناس لا يصلون وتطالبهم بتربية ‏اللحى !! فماذا ينفع في الإسلام أن يربي الناس لحاهم ، وهم لا يصلون ؟!‏
وكذلك لا تطالبهم بصغار المسائل حتى تخرج أنت وإياهم على مسائل ‏كبرى ، تتفقون على قدر مشترك ، وتحاول بأساليب مختلفة .. مرة ‏بالموعظة ، ومرة بالخطبة ، ومرة بالرسالة ، ومرة بالندوة ، ومرة ‏بالأمسية ، حتى تسلك السبل كافة ‏
‎•‎ فإن بعض الناس قد يتأثر بخطبة الجمعة ولا يتأثر بالدرس ، ‏وبعضهم على العكس من ذلك ، وأحياناً يكتب لهم رسالة ، وأحياناً ‏يتصل بهم بالهاتف ، وأحياناً يرسل لهم بعض الدعاة . فأرى أن ‏تجديد الأسلوب مطلوب في عصر جُدّدت فيه أساليب الباطل ! ‏
والله يُخبر عن أهل الباطل أنهم أكثر مالاً ، وأكثر أنفاقاً ، وأكثر وسائل ، ‏قال : (( فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى ‏جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ )) الأنفال .‏
لذلك لا ييأس الإنسان من قلة وسائله ، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام ‏كانت ثقافات العالم حوله في جزيرة العرب – إمبراطورية كسرى ‏وإمبراطورية قيصر – يملكون كل الإمكانيات الضخمة ، ومع ذلك كان ‏هو في بيته المبني من الطين وبوسائله البسيطة ، ولكن مع الإخلاص ‏والصدق بلغه الله ما تمنى ، وبلغ الدين مشارق الأرض ومغاربها !‏

‏25 – أن يُنزل الناس منازلهم :‏
كذلك ينبغي على الداعية أن ينزل الناس منازلهم ، فلا يجعل الناس ‏سواسيه ، فالعالم له منزلة ، والمعلم له منزلة ، والقاضي له منزلة ، ‏وهكذا : (( قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ )) البقرة .. فليس الناس عنده في ‏منزلة واحدة .‏
وهذا ليس نوعاً من التفريق أو التمييز العنصري ، بل هذا من أدب ‏الإسلام . يختلف لقاء هذا عن ذاك ، وتختلف نزلة هذا عن ذاك ، ‏وبعضهم لا يرضى إلا بصدر المجلس ، وبعضهم لو عانقته يكون له ‏عناق مختلف ، وبعضهم له عناق آخر !‏
‏* فإنزال الناس منازلهم من الحكمة التي ينبغي أن يتحلى الداعية في ‏تعامله مع الناس ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان ينزل ‏الناس منازلهم ، كما جاء في صحيح مسلم ورواه مسنداً أبو داود ، وهو ‏صحيح من كلام عائشة .‏


‏26 – أن يُحاسب نفسه وأن يبتهل إلى الله :‏
‏ على الداعية - أيضاً – أن يُحاسب نفسه محكّماً في ذلك قوله ، فيسمع لقوله ‏إذا قال ، ويُحاسب نفسه على عمله ! هل هو ينفذ ما يقول أم لا ؟ وهل ‏يطبق ما أمر به أم لا ؟ . ثم يسأل ربه العون والسداد ، وعليه أن يبتهل إلى ‏الله في أول كل كلمة ، وأول كل درس ، ويسأل الله – عز وجل – أن يُسدده ‏، وأن يفتح عليه ، وأن يهديه .‏
ومما يؤثر في ذلك ، ما ورد في الحديث (( اللهم بك أصول ، وبك ‏أجول ، وبك أحاول )).‏
وكان من العلماء إذا أرادوا أن يدرسوا الناس سألو الله بهذا الدعاء ، ‏وبعضهم كان يقول : (( اللهم افتح علي من فتوحاتك )) وبعضهم يقول : (( ‏اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين فأهلك )) .‏
فإن الإنسان لو اعتمد على قدراته وإمكاناته وذاكرته وصوته تقطعت به ‏السُبل ، فليس لنا معين إلا الله .‏
‏* فعلى الداعية إذا أراد أن يصعد المنبر يوم الجمعة أن يبتهل إلى الله أن ‏يسدد كلماته وعباراته ، وأن يهديه سواء السبيل ، وأن ينفع بكلامه ، وأن ‏يلهمه رشده ، فإنه لو شاء الله – عز وجل – ما استطاع أن يواصل ، ولو ‏شاء الله – سبحانه وتعالى – خانته العبارة ، أو أتى بعبارة ربما تورطه ، ‏وتورط الناس معه ! أو أتى بعبارة خاطئة تخالف الدين ! فعليه أن يسأل الله ‏السداد والثبات ، فإن من يسدده الله – سبحانه وتعالى – فهو المسدد ، ومن ‏خذله الله فهو المخذول .‏

‏27 – أن يكون متميزاً في عباداته :‏
فيجب أن يكون للداعية نوافل من العبادات ، وأوراد من الأذكار والأدعية ، ‏فلا يكون عادياً مثل سائر الناس ، بل يكون له تميز خاص ، يحافظ على ‏الدعاء بعد الفجر ، والدعاء بعد الغروب ، حتى يحفظه الله – سبحانه ‏وتعالى – ويكون له وقت إشراق مع نفسه ، يحاسب نفسه بدعاء وبكلمات ‏مباركة بعد الفجر ، ويكون له ورداً يومي بعيداً عن أعين الناس ، يقرأ فيه ‏كثير من القرآن ، ويتدبر أموره ، ويكون له مطالعة في تراجم السلف ، ‏لأن كثرة الخلطة مع الناس تُعمي القلب ، وتجعل الإنسان مشوش الذهن ، ‏وقد يقسو قلبه بسبب ذلك ، فلا بد من العزلة ، أو ساعه من الساعات أو ‏بعض الأوقات في اليوم والليلة ، يعتزل وحده فلا يجلس مع زائر ، ولا ‏يلتقي بأحد ، ولا يتصل بهاتف ، ولا يقرأ إلا ما ينفعه ، ثم يحاسب نفسه ‏على ذلك .‏

‏28 – أن يتقلل من الدنيا ويستعد للموت :‏
على الداعية أن يتفكر في الارتحال من هذه الدنيا ، ويدرك أنه قريب سوف ‏يرتحل ، وأن الأجل محتوم ! سوف يوافيه ، فلا يغتر بكثرة الجموع ، ولا ‏بكثرة إقبال الناس ، فإن الله يقول : (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ ‏آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏فَرْداً)) مريم .‏
ويعلم أنه سوف يموت وحده ! ويُحشر وحده ! ويُقبر وحده ! وأن الله سوف ‏سأله عن كل كلمة قالها ، فيتأمل : لماذا يدعو ؟ ولماذا يتكلم ؟ وبماذا يقول ؟ ‏ولماذا ينطق ؟ حتى يكون على بصيرة .‏
‏* كذلك على الداعية أن يتقلل من الدنيا تقللاً لا يحرجه ، فخير الأمور ‏أوسطها ، يسكن كما يسكن أواسط الناس ، ويلبس كما يلبس أواسط الناس ، ‏مع العلم أن هناك حيثيات قد تخفى على كثر من الناس .‏

‏29 – أن يكون حسن المظهر :‏
بعض الناس يرى أن على الداعية أن يلبس لباس الفقراء ! أو يلبس لباساً ‏من أوضع اللباس ! وهذا ليس بصحيح ، فإن الله – عز وجل – قد أحل ‏الطيبات ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى التجمل بقوله : (( ‏تجملوا كأنكم شامة في عيون الناس ))‏
‏ وقال : (( إن الله جميل يحب الجمال )) أخرجه أبو داود 4089 ‏
وقد يكون من المطلوب أن يكون الداعية متجملاً ، متطيباً ، ويكون مجلسه ‏وسيعاً ، يستقبل فيه الأخيار البررة ، وأن يكون له مركب طيب ، فإن هذا ‏لا يعارض سنة الله – عز وجل – ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ‏بل عليه كذلك أن يكون له في كل حالة بما يُناسبها .‏
إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعتني بذلك ، في صلاة الاستسقاء خرج ‏في لباس متبذل قديم يظهر الخشية والخشوع والفقر أمام الله – عز وجل – ‏ولكنه في الأعياد لبس بُردة تساوي ألف دينار ، خرج بها أمام الناس ، ‏أهديت له قيمتها مائة ناقة !‏
‏* فيجب أن يلبس لكل حالة لبوساً ، إما نعيمها ، وإما بؤسها .. ف‘نه من ‏الإجحاف أن يُطالب الدعاة أن يعيشوا في بيوت طين في هذا العصر الذي ‏ما تبنى فيه البيوت إلا الفلل !! وإنه لمن الإجحاف كذلك أن نُطالب الدعاة ‏أن يجلسوا على الخصف ، ويجلس الناس على الكنب الوثير ! أو أن نُطالب ‏الداعية أن يلبس لباساً ممزقاً قديماً ! أو يكتفي بثوب واحد طوال السنة ! مع ‏العلم أن الله واسع عليم ، وأن الله يحب أثر نعمته على عبده .‏
‏* ولكن على الداعية ألا يتشاغل بالدنيا تشاغلاً يعميه عن طريقه ، فإنه ‏من الحسرة أن تجد كثيراً من الدعاة ، أو بعض المشايخ ، أو بعض طلبة ‏العلم غارقاً في الدنيا إلى أذنيه ، له من المؤسسات وله من الشركات ، وله ‏من الدور ، ما يشغله عن الدعوة ! ‏
لا نعارض أن يكون لطلبة العلم تجارة ، وأن يكون لهم مشاريع في الارض ‏، وأن يكون لهم دخل ، فهذا مطلوب ، كما فعل عثمان وابن عوف ، ‏وغيرهم من الصحابة ، لكن أن يستغرق طالب العلم والداعية وقتاً في هذه ‏الأمور .. فتجده دائماً في مكاتب العقارات في البيع والشراء ، في السندات ‏، مع الشيكات ، ويترك الأمة للمهلكات ! هذا ليس بصحيح ، وهذا مخجل ، ‏فإن الله – عز وجل – استخدمك في أحسن طاعة .‏
‏* وكذلك يجب على الداعية أن يهتم بمظهره الشخصي ، وأن تكون ‏حليته إيمانية ، وأن يظهر عليه الوقار والسكينة ، وأن يلبس لباس أهل ‏الخير ، وأهل العلم ، فإن لكل قوم لباساً ، ويمشي مشية أهل العلم ، ويكون ‏مظهره جميلاً ، ويعتني بخصال الفطرة ، كالسواك وتقليم الأظافر ، وأن ‏يكون متطيباً ، محافظاً على الغسل ، يحافظ على مظهره .. حتى يمثل ‏الدعوة تمثيلاً طيباً أمام الناس .‏
‏* أن يكون للدعاية شخصيته المستقلة :‏
إن على الداعية ألا يتقمص شخصية غيره ، وألا يذوب ذوباناً في بعض ‏الشخصيات ، فتجد بعض الدعاة إذا أحب داعية آخر ، أو عالماً آخر قلده ‏في كل شيء حتى في صوته ! وحتى في مشيته ! وحتى في حركاته ! ‏فذاب في شخصية ذاك ! ‏
ويُروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله : (( لا يكن أحدكم إمعة ، إن ‏أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسأت )) أخرجه الترمذي 2007 من ‏حديث حذيفه وإسناده ضعيف .‏
ولكن إن أحسن الناس فأحسن وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم ، فذوبان ‏الشخصية ليس مطلوباً للداعية .‏
فإن عليك أن تستقل بشخصيتك ، وتعلم أن الله خلقك نسيجاً وحدك ، وأن ‏الأرض ما تستطيع ‏‎-‎‏ بإذن الله عز وجل ‏‎-‎‏ أن تخرج واحداً مثلك ، فأنت من ‏بين الملاين التي خلقها الله منذ آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ‏وحدك ، صوتك لا يشابهك فيه أحد ، وملامح جسمك واستعدادك ، وما ‏عندك من مواهب ، كل هذه تختلف فيها عن غيرك ، وقد كانت العرب ‏تكره أن يتقمص الإنسان شخصية غيره .‏
قالوا عن الطاووس : إنه أراد أن يقلد الغراب في مشيته فنسي مشيته ، وما ‏ستطاع أن يقلد مشيت الغراب !! ‏
وهذا ينطبق على القراء .. فإن القارئ يريد أن يقلد قارئً آخر فيتعب فلا ‏أحسن صوت ذاك ولا أسمع صوته المعهود الذي منحه الله – عز وجل – ‏إلا إذا كان يستطيع أن ينطق مثل صوت ذاك بدون كلفه ، وصوته جميل ‏مثل صوت ذاك ، فلا بأس إنشاء الله . ‏
فينبغي أن تكون للداعية شخصيته المستقلة ، وقد مدح النبي صلى الله عليه ‏وسلم أصحابه ، كلاٌ على حسب شخصيته ، فأثنى على قوة عمر فقال : (( ‏مثلك يا عمر كمثل نوح وكمثل موسى )) وأثنى على أبي بكر في رقته ، ‏فقال : (( ومثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم وكمثل عيسى عليهم السلام )). ‏فالقوي يبقى على قوته لكن فيما ينصر به الدين .‏
‏*والإسلام بحاجة إلى من هو قوي في رأيه وإرادته ، وفي حاجة لمن هو ‏رقيق رحيم ، فإن هذا له باب ، وهذا لهُ باب ، كما نحتاج إلى طاقات الناس ‏قد سلف معنا كثيراً أن الرسول صلى الله عليه وسلم نوع اختصاصات ‏الناس وجعلهم على جبهات بسبب مواهبهم ، فسيد القراء أبي بن كعب ، ‏وحسان شاعر النبي صلى الله عليه وسلم ، وزيد بن ثابت أفرض الناس ، ‏وأبو بكر له مهمة الإدارة ، وعمر لهُ مهمة القوة والصرامة والحزم ، وقس ‏على ذلك . ‏

‏30 – أن يهتم بأمور النساء :‏
كذلك على الداعية أن يهتم بجانب النساء ، بعالم النساء ، فلا يغفل هذا ‏الجانب بكلامه ، ولا في محاضراته ، لأنهن نصف المجتمع ، وكل ما في ‏هذا الكتيب إنما هو موجه إلى المرأة المسلمة أيضاً .‏

نسأل الله سبحانه وتعالى- أن يرضى عنا ، وأن يسدد منا الأقوال والأفعال ، ‏وأن يتولانا فيماً تولى ،وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‏تسليماً كثيرا .‏

سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين والحمد لله رب ‏العالمين .‏



 
 توقيع : ام ياسر




رد مع اقتباس